فقال له زهير : فها هنا قرية بالقرب منّا على شطّ الفرات ، وهي في عاقول (١) حصينة ، الفرات تخذف (٢) بها إلاّ من وجه واحد.
قال الحسين : وما اسم تلك القرية؟ قال : العقر ، قال الحسين : نعوذ بالله من العقر (٣)!
فقال الحسين للحرّ : سر بنا قليلا ثمّ ننزل ، فسار معه حتّى أتوا كربلاء ، فوقف الحرّ وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير ، وقال : انزل بهذا المكان ، فالفرات منك قريب.
قال الحسين : وما اسم هذا المكان؟ قيل له : كربلاء.
قال : ذات كرب وبلاء! وقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا معه ، فوقف فسأل عنه ، فأخبر باسمه ، فقال : « هاهنا محطّ ركابهم وهاهنا مهراق دمائهم ».
فسئل عن ذلك ، فقال : « ثقل لآل محمّد ينزلون هاهنا ».
ثمّ أمر الحسين بأثقاله ، فحطّت بذلك المكان يوم الأربعاء غرّة المحرّم من سنة إحدى وستّين ، وقيل : بعد ذلك بعشرة أيام ، وكان قتله يوم عاشوراء.
* * *
فلمّا كان يوم الثاني من نزوله كربلاء وافاه عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس.
وكانت قصّة خروج عمر بن سعد أنّ [ ٧٣ ـ ألف ] عبيد الله بن زياد ولاّه الري وثغر دستبي (٤) والديلم ، وكتب له عهده عليها ، فعسكر للمسير إليها ، فحدث أمر الحسين ، فأمر ابن زياد أن يسير إلى محاربة الحسين ، فإذا فرغ منه سار إلى ولايته.
__________________
(١) عاقول الوادي ما اعوج منه ، والأرض العاقول التي لا يهتدى إليها.
(٢) في المطبوعة : يحدق بها ، وكذا في « س ».
(٣) أورده الياقوت الحموي في معجم البلدان : ٤ / ١٣٦ بعد كلام له حول مادة « عقر » ، قال : والعقر عدّة مواضع ، منها : عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة ، وقد روي أن الحسين رضياللهعنه لمّا انتهى إلى كربلاء وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد قال : ما اسم تلك القرية؟ .. الحديث.
(٤) دستبى : كورة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان ، قسم منها يسمى دستبي الرازي وهو يقارب التسعين قرية ، وقسم منها يسمى دسبتي همذان وهو عدّة قرى.
معجم البلدان : ٢ / ٤٥٤.