عنه ما يدعوه الى معصيته فامر عز وجل صاحب موسى بقتل الغلام لما كان لو بلغ بلوغه داعية كفرهما ويدل أيضا على ان الكفر من فعلهما لأنه لو كان خلقا من الله تعالى لم يصح ذلك وقوله عز وجل ( وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ) يدل على ان ذلك كان من أمر الله تعالى وإذنه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) كيف يصح أن يجدها تغرب في شيء من الأرض وهي إنما تغرب في مجاري غروبها. فجوابنا انها تغرب على وجه يشاهد كذلك كما توجد الشمس تغرب في البحر اذا كان المرء على طرفه وكما يقول المرء ان الشمس تطلع من الأرض وتتحرك في السماء والمراد بذلك ما ذكرناه من تقدير المشاهدة وقوله تعالى من بعد ( قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً ) يدل على ان ذلك الظلم فعل العبد وعلى ان هذا التعذيب فعل ذي القرنين فلذلك أضاف العذاب المتقدم الى نفسه ثمّ العذاب المتأخر الى ربه.
[ مسألة ] وربما قيل في قصة يأجوج ومأجوج كيف يصح وصفه لهم بأنهم ( لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ) ثمّ وصفهم بأنهم يفسدون وكيف يصح قوله تعالى ( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) وكيف يصح أن يبقوا على الزمان لا يستطيعون ذلك حيث يقول تعالى ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) يعني الحشر. وجوابنا ان قوله ( لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ) يحتمل مع كمال عقلهم للمباينة في اللغة ويحتمل خلافه فلا يدل على ما ذكروا وقوله ( مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ) يحتمل أن يكون مع كمال العقل ويحتمل مع فقده كما يقال فيمن لا عقل له انه يفسد الزرع بل يقال ذلك في البهائم وذلك السد معمول بالصفر وما يجري مجراه فصح ان لا يمكنهم التأثير فيه لفقد الآلات ولقوة السد وإحكامه ويحتمل أنه تعالى يصرفهم عن الشغل بذلك فيبقى الى يوم القيامة. واختلفوا في يأجوج ومأجوج