فمنهم من قال هم غير مكلفين ومنهم من قال يجوز أن يكون تكليفهم بجميع العقلي والشرعي بأن يسمعوا الأخبار ممن يقرب من السد فتتواتر عندهم ومنهم من قال بل تكليفهم بالعقلي دون الشرعي الذي لم تبلغ دعوته اليهم ثمّ ذكر تعالى من بعد ما تعظم الفائدة به لمن تدبره فقال سبحانه ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) فبين تعالى ان أعمال من لا يحفظ عمله فيفسدها بالكفر والفسق تكون الى خسار وتبار وتصير كالحسرة في الآخرة فلذلك قال الذين ضل سعيهم والمراد ذهب هدرا ولذلك قال آخرا ( فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) فنبه على ان كل من حبط عمله يكون حكم سعيه في الخيرات هذا الحكم ثمّ بين أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلم يحبطوا ما فعلوه ( كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) فان مساكن الدنيا قد يبتغي المرء عنها حولا وليس كذلك الجنة وفي قوله تعالى عز وجل ( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ) ما اذا تأمله العاقل علم ان كلمات الله تعالى لا تحصر وأنه قادر على ما لا نهاية له ومن هذا حاله كيف يصح أن يقال محدث أو مخلوق.