[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ) ما فائدة ذلك والله تعالى يقبل التوبة ممن لم يعمل الا السيئات كما يقبلها ممن خلط الصالح بالسيّئ. وجوابنا أنه تعالى نبه بقوله ( اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ) على وقوع التوبة منهم والندامة فلذلك خصهم بقبول التوبة لا أنه نفى قبول التوبة عن غيرهم ممن ذكره تعالى بقوله ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ ) لأن هؤلاء لم يتوبوا بل أصروا فلذلك قال تعالى ( إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) لأنهم اذا بقوا فاما أن يصروا فالعذاب وإما أن يتوبوا فتوبتهم مقبولة.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ) كيف يصح الأخذ من قبل الرسول صلّى الله عليه وسلم وبفعل غيرهم لا يلحقهم المدح حتى يوصفوا بأنهم مطهرون مزكون وكيف يقول ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ). وجوابنا ان المراد بذلك من تاب وقبل الله توبته. فبين أنه اذا أخذ منهم الصدقة فهذه حالهم وأمره بأن يدعو لهم بالرحمة والثواب وهي معنى قوله ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) ولذلك قال بعده ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ ) والمراد بهذا الاخذ القبول وذلك لا يليق الا بالمؤمن التائب الذي يسر ويرضى بما فعله الرسول صلّى الله عليه وسلم من أخذ الزكاة منه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) كيف يصح من الرسول والمؤمنين أن يعلموا أعمالهم ولا سبيل الى ذلك لا فيما بطن ولا فيما ظهر. وجوابنا أن المراد الاعمال الظاهرة التي يشهد الرسول بها ويشهد المؤمنون كما ذكره الله تعالى في الشهداء.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ