أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) كيف يدخل قتل الكفار لهم فيما به يستحقون المدح وذلك كفر منهم. وجوابنا ان قتل الكفار لهم يتضمن وقوع الصبر الشديد على الجهاد فيدل على هذه الطاعة العظيمة فلذلك ذكره تعالى وعلى هذا الوجه الذي ذكرناه يوصف المقتول في الجهاد بانه شهيد لما دل القتل له على ما ذكرناه ودل تعالى بقوله فيما بعد ( التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) على ان المؤمن لا يتكامل كونه مؤمنا الا بهذه الخصال ونبه تعالى بقوله ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ) على انهم مستحقون العقاب لا يجوز لنا أن نستغفر لهم ونترحم عليهم وانما يجوز ذلك في المؤمن الذي نقطع بايمانه أو تظهر منه دلالة ذلك ودل تعالى بقوله ( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ ) على انه تعالى يريد بالضلال المضاف اليه العقاب وما شاكله فلذلك قال ( حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) فنبه على ان اضلاله بالعقاب لا يكون الا بعد هذا البيان وأضاف الايمان والكفر الى السورة في قوله ( وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً ) الى آخر الآية على وجه المجاز لما كان الايمان منهم عند نزولها ولما كان الرجس والكفر من الكفار عند نزولها وذلك معلوم وهو كقوله تعالى ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) اذ معلوم لكل واحد ان المراد أهلها وزجر تعالى عباده بقوله ( أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) فبين أنه لا يدع بما ينزل بهم من الامراض والمصائب والمحن سترا يحجبهم عن الطاعة والتوبة وهم مع ذلك غافلون وذلك زجر عظيم عن الاعراض وترك التوبة.