أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ) هو كيف تصح التسوية بين من يقتل الواحد ومن يقتل الخلق جميعا وذلك بعيد عن متعارف الشرع وطبيعة العقل. وجوابنا ان بيان عظم هذا القتل في العقاب وانه من حيث يقتدي به ويسهل سبيل القتل وغيره عظم اثمه كما قال صلّى الله عليه وسلم من سنّ سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ( فان قيل ) أفتقطعون على ان من قتل هذه النفس فعقابه كعقاب من قتل الناس جميعا ( قيل له ) ذكر الله تعالى ذلك في بني اسرائيل خاصة فلا يمنع مثل ذلك فيهم وان لم يجب في غيرهم لان عظم المعاصي يختلف بالاوقات واختلاف الأحوال ويحتمل أن يراد به فكأنما قتل الناس جميعا في عظم ما فعل ، وان لم يبلغ ذلك الحد في العقوبة لأن الظاهر لا يدل الا على هذه الجملة. ومتى قيل فما معنى قوله تعالى ( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) وذلك ليس في مقدور أحد. فجوابنا ان المراد التخليص من القتل والهلاك وذلك يعظم في الواحد كما يعظم في الجماعة ( فان قيل ) أليس يدل على قوله تعالى ( فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) على انه ندم والندم توبة. وجوابنا انه لم يندم من حيث انها معصية وقبيح. بل ندم لما افتضح وكان ظن ان ذلك يخفى فلما ظهر قتله ندم لشيء يخصه.
[ مسألة ] ومتى قيل ما معنى قوله تعالى ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) وكيف يصح أن يحاربوا الله. وجوابنا ان المراد محاربة أنبيائه فقدم ذكره تعالى تعظيما لذلك وبين ان من عادى رسله وحاربهم ، فقد عادى الله تعالى فنبّه بذلك على عظم هذا الفعل وفخامته والمراد بالمحاربين من ذكره العلماء من الكفار والمفسدين في الصحارى والبلاد ثمّ بيّن ان حكمهم فيما يأتون من القتل وأخذ الاموال لا يخرج عما ذكر تعالى من أن ( يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ