الطرف وسطا فيكون حالهم أبدا وكذلك جائز في أزمان الأنبياء فيكون معجزة لهم ويجوز أيضا ان تتغير دواعيهم ومقاصدهم حالا بعد حال بأن يكون تعالى يطرح قلوبهم بأن يصرفهم عن الخروج عن التيه والتحير فيه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) كيف يجوز أن يقول هابيل هذا لقابيل والاثم يختص هو به في قتله أو ليس ذلك يدل على ان من ليس بعاص قد يلحقه اثم العاصي. وجوابنا ان الذي فعله به من القتل لما كان متعلقا بهابيل جاز أن يقول ذلك وكانه قال ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي ) يعني قتلي واثمك يعني سائر ما فعلته حتى وصلت الى قتلي وقد قيل كيف يصح أن يريد ذلك وهو قبيح. وجوابنا ان المراد ارادته للذم والعقاب لا لنفس القتل الذي هو معصية ولذلك قال بعده ( فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ) فكأنه أظهر انه مريد لوقوعه في النار من حيث فعل ذلك ليصرفه عن هذا القتل بهذا القول.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ ) أليس ذلك يدل على ان نفس الانسان سوى شخصه وهو يطيعها فيما يفعل. وجوابنا ان مثل ذلك قد يطلق في اللغة فيقال أطاعه نفسه وعصت فيمن يتبع الهوى والشهوة أو يخالف فلا يدل على ما قاله ولذلك قال تعالى ( فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ ) ولم يقل فأصحبت نفسه خاسرة.
[ مسألة ] وربما قيل كيف خفي عليه بعد قتله له أن يدفنه في الأرض حتى ينبه على ذلك بما بعثه الله تعالى من الغراب فأراه ذلك. وجوابنا ان ذلك كان ابتداء القتل والموت لا تمتنع الشبهة فيه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ مِنْ