أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) فيلزم ذلك فيهم بحسب جناياتهم ولذلك قال تعالى أولئك ( لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) وبيّن أن من تاب قبل القدرة عليه فهذه الاحكام عنه زائلة فيما كان من حق الله تعالى.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها ) كيف يصح وهم ملجئون الى أن لا يفعلوا القبيح وارادتهم ما حكم الله تعالى بخلافه تقبح. وجوابنا ان لعلماء التوحيد في ذلك جوابين ( أحدهما ) أنه يصح أن يريدوا ذلك ويحسن وان كان الله تعالى لا يفعله وعلمهم بأنهم لا يخرجون من النار لا يمنع من حسن ذلك لو وقع. فهذا القائل يحسنه على ظاهره ( والثاني ) ان المراد انه يقع منهم ما يقع من المريد في دار الدنيا فوصفهم تعالى بالارادة لاجل ذلك ولذلك قال تعالى بعده ( وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ) كيف يصح ذلك في المنافقين واليهود وقد أراد الله عز وجل عندكم تطهير قلوب الخلق المكلفين من الكفر والمعاصي ومن قبل ذلك ( وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً ). وجوابنا ان الفتنة قد يراد بها التشديد في التكليف وقد يراد بها العقوبة والله يريد كلا الأمرين فأما تطهير القلب فالمراد به انه عز وجل علم أن لا لطف لهم حتى يريده فيصير صارفا لهم عن المعاصي ويحتمل أنه لقي قلوبهم ليس عليهم سمة الايمان كما قال تعالى ( أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ).
[ مسألة ] وربما قيل كيف يصح قوله ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) ومعلوم ان كثيرا منهم ليس بكافر عندكم وقد كرر الله تعالى ذلك فقال مرة هم الكافرون وأخرى هم