فيها. وجوابنا ان ذلك يقال فيما يقع للناس فيه من المنافع تشبيها بما يلزم المرء أن يتجنبه من المحرمات وذلك معقول في اللغة والتعارف ولذلك قال تعالى بعده ( وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ) ونبه بذلك على ان من يستحق العقاب والنار لا ناصر له.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ) كيف يصح ذلك وليس في النصارى من يقول هذا القول بل يقولون الاله واحد لكنه يوصف بأنه ثلاثة أقانيم أب وابن وروح القدس. وجوابنا انه تعالى لم يحك عنهم انهم يقولون ثالث ثلاثة آلهة ، بل قال انهم يقولون ثالث ثلاثة وهو معنى قولهم اذ أثبتوا ابنا وأبا وروحا قديمات وعلى هذا يقول في هؤلاء المشبهة انهم يثبتون معبودهم ثالثا ورابعا وعاشرا اذا قالوا ان معه علما وقدرة وحياة قديمة ولا معتبر بالعبارات في ذلك ولو لم يصح ما ذكرناه لقطعنا على انه كان فيهم من يقول ذلك ولم نعلمه ولذلك قال بعده ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) كيف يصح أن يقول ذلك وقد كان في زمانه مثل يوشع بن نون وغيره مما صار نبيّا. وجوابنا ( إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) أراد ملكا مخصوصا حتى يجري أخاه مجرى نفسه في كل وجه ولم يكن ذلك حال غيرهما فلا يصح ما ذكرته.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ) كيف يصح أن يبقوا يتيهون فيها هذه المدة الطويلة وعلى ما يقال تلك البقعة انما هي فراسخ قليلة. وجوابنا ان ذلك جائز في قدرة الله تعالى بأن يكونوا اذا قربوا من الطرف يحول الله تعالى