به الخلقة خطأ وخطل (١).
( أفعال الإنسان في الطعم والنوم والجماع وشرح ذلك )
فكر يا مفضل في الأفعال التي جعلت في الإنسان من الطعم والنوم والجماع وما دبر فيها فإنه جعل لكل واحد منها في الطباع نفسه محرك يقتضيه ويستحث به فالجوع يقتضي الطعم الذي فيه راحة البدن وقوامه والكرى (٢) يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن وإجمام (٣) قواه والشبق (٤) يقتضي الجماع الذي فيه دوام النسل وبقاؤه .. ولو كان الإنسان إنما يصير إلى أكل الطعام لمعرفته بحاجة بدنه إليه ولم يجد من طباعه شيئا يضطره إلى ذلك كان خليقا أن يتوانى (٥) عنه أحيانا بالثقل والكسل حتى ينحل بدنه فيهلك كما يحتاج الواحد إلى الدواء لشيء مما يصلح به بدنه فيدافع به حتى يؤديه ذلك إلى المرض والموت وكذلك لو كان إنما يصير إلى النوم بالفكر في حاجته إلى راحة البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهك بدنه ولو كان إنما يتحرك للجماع بالرغبة في الولد كان غير بعيد أن يفتر عنه حتى يقل النسل أو ينقطع فإن من الناس من لا يرغب في الولد ولا يحفل به.
__________________
(١) الخطل : المنطق الفاسد المضطرب.
(٢) الكرى : النعاس.
(٣) الاجمام من الجمام وهو الراحة يقال : جم الفرس إذا ذهب اعياؤه.
(٥) يتوانى : يقصر.
(٤) الشبق بفتحتين شدة الشهوة.