الخيط في كمّه وسكنت الزلزلة ، ثمّ نزل عن المنارة والناس لا يرونه ، وأخذ بيدي حتّى خرجنا من المسجد فمررنا بحدّاد اجتمع الناس بباب حانوته والحدّاد يقول : أما سمعتم الهمهمة في الهدم ، فقال بعضهم : بل كانت همهمة كثيرة ، وقال قوم آخرون بل والله كلام كثير ، إلاّ أنّا لم نقف على الكلام.
قال جابر رضياللهعنه : فنظر إليّ وتبسّم ثمّ قال : « يا جابر ، هذا لما طغوا وبغوا » ، فقلت : يا ابن رسول الله ، ما هذا الخيط الذي فيه العجب؟ فقال : « بقيّة ممّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ونزل به جبرئيل عليهالسلام ، ويحك يا جابر ، إنّا من الله تعالى بمكان ومنزلة رفيعة ، فلولا نحن لم يخلق الله تعالى سماء ولا أرضا ولا جنّة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنّا ولا إنسا ، ويحك يا جابر ، لا يقاس بنا أحد ، يا جابر ، بنا والله أنقذكم الله وبنا نعشكم وبنا هداكم ونحن والله دللناكم على ربّكم ، فقفوا عند أمرنا ونهينا ولا تردّوا ما أوردنا عليكم ، فإنّا بنعم الله أجلّ وأعظم من أن يردّ علينا ، وجميع ما يردّ عليكم منّا ، فما فهمتموه فاحمدوا الله عليه وما جهلتموه فردّوه إلينا ، وقولوا : أئمّتنا أعلم بما قالوا ».
قال جابر رضوان الله عليه : ثمّ استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أميّة قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو ينادي : معاشر الناس ، احضروا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ بن الحسين عليهالسلام ، وتقرّبوا به إلى الله تعالى ، وتضرّعوا إليه ، وأظهروا التوبة والإنابة ، لعلّ الله يصرف عنكم العذاب ، قال جابر ـ رفع الله درجته ـ فلمّا بصر الأمير بالباقر عليهالسلام سارع نحوه ، وقال : يا ابن رسول الله ، أما ترى ما نزل بأمّة محمّد صلىاللهعليهوآله قد هلكوا وفنوا؟ ثمّ قال له : أين أبوك حتّى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد فنتقرّب به إلى الله تعالى ، فيرفع عن أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله البلاء؟ فقال الباقر عليهالسلام : « يفعل إن شاء الله تعالى ، ولكن أصلحوا من أنفسكم وعليكم بالتوبة والنزوع عمّا أنتم عليه فإنّه لا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون ».