أقدم على ربّ غفور ، وشفيع مطاع ، وأنا من خير إلى خير ، من أنت؟ » قال : أنا ابن جويرة ، فرفع يده الحسين صلوات الله عليه إلى السماء حتّى رأينا بياض إبطيه ، وقال : « اللهمّ جرّه إلى النار » ، فغضب ابن جويرة ، فحمل عليه فاضطرب فرسه في جدول وتعلّق رجله في الركاب ، ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس فأخذ يعدو به ، ويضرب رأسه بكلّ حجر وشجر ، وانقطعت قدمه وساقه وفخذه ، وبقي جانبه الآخر متعلّقا في الركاب ، فصار ـ لعنه الله ـ إلى نار الجحيم (١).
ومنها : ما روي أنّه لمّا جاءوا برأس الحسين عليهالسلام ونزلوا منزلا يقال له : قنسرين ، اطّلع راهب من صومعته إلى الرأس ، فرأى نورا ساطعا يخرج من فيه ويصعد إلى السماء ، فأتاهم بعشرة آلاف درهم ، وأخذ الرأس ، وأدخله صومعته ، فسمع صوتا ولم ير شخصا ، قال : طوبى لك ، وطوبى لمن عرف حرمتك ، فرفع الراهب رأسه ، وقال : يا ربّ ، بحقّ عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلّم معي ، فتكلّم الرأس ، وقال : « يا راهب ، أيّ شيء تريد؟ » فقال : من أنت؟ قال : « أنا ابن محمّد المصطفى ، وأنا ابن عليّ المرتضى ، وأنا ابن فاطمة الزهراء ، وأنا المقتول بكربلاء ، أنا المظلوم ، أنا العطشان » ، وسكت ، فوضع الراهب وجهه على وجهه ، فقال : لا أرفع وجهي عن وجهك حتّى تقول : أنا شفيعك يوم القيامة ، فتكلّم الرأس وقال : « ارجع إلى دين جدّي محمّد صلىاللهعليهوآله » ، فقال الراهب : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، فقبل له الشفاعة ، فلمّا أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم فلمّا بلغوا الوادي نظروا الدراهم وقد صارت حجارة (٢).
ومنها : ما روي عن أبي ثوبان الأسدي ـ وكان من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام ـ ، عن الصلت بن المنذر ، عن المقداد بن الأسود الكندي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله خرج في طلب
__________________
(١) المصدر السابق : ١٨٧ ، ح ١٦ ، نقلا عن « عيون المعجزات » : ٦٢.
(٢) المصدر السابق ٤٥ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، ح ٣ ، نقلا عن « مناقب آل أبي طالب » ٤ : ٦٧.