أمّا الكتاب فقوله
تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا ) . وقوله تعالى : ( إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ). الآية ؛ فإنّه يدلّ على
حرمة السعي في إظهار الفاحشة ، ولا شكّ أن التجسّس سعي في إظهارها.
وأمّا السنّة
فقوله عليهالسلام : « من تتبّع عورة أخيه ، تتبّع الله عورته ، ومن تتبّع الله عورته ، فضحه
على رءوس الأشهاد الأوّلين والآخرين » .
وقوله عليهالسلام : « من ابتلي
بشيء من هذه القاذورات فليسترها يستره الله » . وأيضا قد علم من سيرته عليهالسلام أنّه كان لا يتجسّس عن المنكرات بل يسترها ويكره إظهارها.
ثمّ إنّه فرض
كفاية لا فرض عين ، فإذا قام به قوم سقط عن الآخرين ، وإذا ظنّ كلّ طائفة أنّه لم
يقم به الآخر أثم الكلّ بتركه » .
وصل : هذه
الاعتقاد من أصول المذهب والدين ، ومنكره خارج عن المذهب والدين ؛ إذ الاعتقاد بما
ذكر إجمالا من أصول الدين وتفصيلا باعتبار بعض الاعتقادات المذكورة كالاعتقاد بالشفاعة
والعفو بنحوها ، ردّا على الوعيديّة القائلين بلزوم الوعيد على الله وعدم جواز
العفو بنحوها وأمثال ذلك من أصول المذهب ، فالمخالف قد يكون خارجا عن المذهب ، وقد
يكون خارجا عن الدين ، ويعرف ذلك بالتأمّل فيما ذكرنا وفصّلنا ، والتدبّر فيما
أشرنا وحصّلنا ؛ فإنّ العاقل تكفيه الإشارة ، والجاهل لا تفي [ له ] العبارة.
__________________