أي تعذّر الإيصال ، بأن لا يبقى صاحب الحقّ ولا وارثه ( أو ) استتبع ( الإرشاد إن كان ) الذنب ( إضلالا وليس ذلك ) أي الذي ذكرنا من تسليم النفس وأداء الواجب أو قضائه أو إيصال الحقّ إلى صاحبه أو العزم عليه وغير ذلك ( جزء ) من التوبة ، بل واجب آخر خارج عن التوبة ، فتركه لا يمنع سقوط العقاب بالتوبة.
قال إمام الحرمين رحمهالله تعالى : إنّ القاتل إن ندم من غير تسليم نفسه للقصاص صحّت توبته في حقّ الله تعالى ، وكان منعه القصاص من مستحقّه معصية مجدّدة تستدعي توبة أخرى ، ولا يقدح في التوبة عن القتل (١).
( ويجب الاعتذار على المغتاب مع بلوغه ) أي إذا كان الذنب الذي يتعلّق بحقّ الآدمي هو الاغتياب ، وجب على المغتاب الاعتذار ممّن اغتابه إن بلغ الاغتياب إليه ؛ لأنّه أوصل إليه ضربا من الغمّ بسبب الاغتياب ، فوجب عليه الاعتذار عنه ، ولا يجب تفصيل ما اغتابه إلاّ إذا بلغه على وجه أفحش. فإن لم يبلغ إليه لا يلزمه الاعتذار عنه ؛ لأنّه لم يوصل إليه بسبب الاغتياب غمّا ، لكن يجب في كلا القسمين التوبة ؛ لأنّه خالف نهيه تعالى ؛ حيث قال : ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ) (٢).
( وفي إيجاب التفصيل مع الذكر إشكال ) ذهب بعض المعتزلة إلى أنّه يجب على التائب الندم على التفصيل إن كان يعلم القبائح مفصّلا ، وإن علم بعضها مفصّلا وبعضها مجملا وجب التفصيل فيما علم تفصيلا (٣).
وقال المصنّف : فيه إشكال ؛ لأنّ الإجزاء يحصل بالندم على كلّ قبيح صدر منه وإن لم يذكره مفصّلا.
__________________
(١) حكاه عنه التفتازاني في « شرح المقاصد » ٥ : ١٧١.
(٢) الحجرات (٤٩) : ١٢.
(٣) حكاه التفتازاني عن بعض المعتزلة في « شرح المقاصد » ٥ : ١٧١ ؛ وحكاه العلاّمة عن قاضي القضاة في « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » : ٤٢٢.