يده وقدّم لي بتخت ثياب وخمسين دينارا وقال : « خذ هذا وأعذر وانصرف » ، فأخذت وقلت : يأمرني السيّد بخدمة؟ قال : « نعم ، تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول ».
فصرت إلى بختيشوع وقلت له القصّة ، فقال : اجتمعت الحكماء على أنّ أكثر ما يكون في بدن الإنسان سبعة أمناء من الدم ، وهذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجبا ، وأعجب ما فيه اللبن ، ففكّر ساعة ، ثمّ مكثنا ثلاثة أيّام بلياليها نقرأ الكتب على أن نجد لهذه القصّة ذكرا في العالم فلم نجد.
ثمّ قال : لم يبق اليوم في النصرانيّة أعلم بالطبّ من راهب بدير العاقول ، فكتب إليه كتابا يذكر فيه ما جرى ، فخرجت وناديته فأشرف عليّ وقال : من أنت؟
قلت : صاحب بختيشوع قال : معك كتابه؟ قلت : نعم.
فأرخى لي زنبيلا فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب ونزل من ساعته ، فقال : أنت الرجل الذي فصدت؟ قلت : نعم ، قال : طوبى لأمّك ، وركب بغلا ومرّ ، فوافينا سرّ من رأى وقد بقي من الليل ثلثه ، قلت : أين تحبّ دار أستاذنا أو دار الرجل؟
قال : دار الرجل.
فصرنا إلى بابه قبل الأذان ، ففتح الباب وخرج إلينا غلام أسود ، وقال : أيّكما راهب دير العاقول؟
فقال : أنا جعلت فداك.
فقال : انزل ، وقال لي الخادم : احتفظ بالبغلتين وأخذ بيده ودخلا ، فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ، ثمّ خرج الراهب وقد رمى بثياب الرهبانيّة ولبس ثيابا بيضاء وقد أسلم ، فقال : خذني الآن إلى دار أستاذك ، فصرنا إلى دار بختيشوع فلمّا رآه بادر يعدو إليه ، ثمّ قال : ما الذي أزالك عن دينك؟
قال : وجدت المسيح فأسلمت على يده.