نعلم شيئا عنه ،
وكان عمّه يوسف من كبار العلماء قد بلغ درجة القضاء وتولّى إفتاء دار العدل.
كان ما يزال رضيعا
لم يمش حين أصاب أمّه أزدان الطاعون ، فنشأ يتيم الأمّ ، في كنف والده عليّ ،
وعمّه يوسف ، وأخيه من أمّه الخواجا برهان الدين بن قنديل.
وقد كانت البيئة
والأسرة تحدّدان غالبا وجهة المولود ، وترسمان طريقه في الحياة. فلا غرو إن مضى
ابن طولون في طريق العلم ، وقد نشأ في الصالحية ورعاه عمّه قاضي القضاة ومفتي دار
العدل.
بدأ صاحبنا بتعلّم
الخطّ في مكتب المدرسة الحاجبية ، بالقرب من منزله. ثم انثنى يحفظ القرآن بمكتب مسجد
العساكرة ، فختمه وعمره سبع سنوات.
كان ختم القرآن
مبدأ انطلاقه نحو العلوم المعروفة في عصره. فانصرف إليها يساعده ذكاء خارق وذاكرة
قويّة ، فقرأها على كبار شيوخ دمشق في أواخر القرن التاسع وأوائل العاشر. ولا
يهمّنا أسماء هؤلاء الشيوخ بقدر ما يهمّنا أسماء العلوم التي درسها ، والكتب التي
قرأها ، ذلك لأن هذه العلوم والكتب هي التي كوّنت ثقافته وشخصيّته العلميّة. وعرضها
يدلّنا على ما كان شائعا في عصره من العلوم ، وما كان يعتمد فيها من
__________________