والحسنان عليهمالسلام أعلم به من أبي
بكر ، فكانت لا تعرضهم للشهادة ولا يتعرّضون لها ، لعلمهم بأنّها لا تقبل ، لأن
ذلك فسق وسوء تدبير وسفه مأمون منهم بإجماع ، وغير مأمون من الرجل ، وكان به أحق.
وبهذا تسقط شبهة
من قدح في شهادة الحسنين عليهماالسلام بالصّبا ، لأنّ ذلك لو كان مانعا من قبول شهادتهما لكان
علي عليهالسلام به أعلم من أبي بكر ، وكان لا يعرضهما للشهادة ، ولكان ردّ شهادتهما لذلك
أولى من ردّها بالنبوة ، ولمّا لم يقل ذلك أبو بكر دلّ على أنّهما معتدّ
بشهادتهما.
ومنها : قبوله
دعوى جابر في الحثيات
وعائشة وحفصة من ثياب
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإقرارهما في ثبوته بغير بيّنة ، مع تميّز
المردود دعواه وشهادته في الفضل ، وتبريزه عليهم في العدالة والزهد ، واختصاصهم من
النبي صلىاللهعليهوآله بمنزلة لم يشاركهم فيها أحد ، وذلك يوضح عن قصده أهل هذا البيت بالظلم ، وإرادة
الوضع منهم ، والتصغير من قدرهم ... بأدنى تأمّل.
ومنها : حين طالبت
بفدك من جهة الإرث ـ إذ دفعها عنها بالنحلة ـ كذبه على رسول الله صلى الله عليه
وآله أنه قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة ، ليتمّ له منع فاطمة عليهاالسلام لفدك من جهة
الإرث كالنحلة ، والدلالة على كذبه من وجوه :
منها : تصريح
القرآن بخلافه في قوله تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ
داوُدَ ) وقوله تعالى : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ
مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ، وإطلاق الإرث
مختصّ بانتقال الأعيان إلى الوارث فيما يصحّ نقله ، ورفع الحظر ، وصحّة تصرفه فيما
لا يصح نقله من الحرث والرباع ، فيجب حمله عليه دون ما يدّعى من علم وغيره ، ولأن
العلم والنبوّة لا يورثان ، لوقوف
__________________