مشاركة أولي الأمر له تعالى ولرسوله في عموم الطاعة بمقتضى العطف سواء كان ذلك معلوما بالظاهر أو بغيره.
ولم يجز تخصيص طاعتهم بغير دليل وإن كان الأول معلوما من وجهين والثاني معلوم من وجه واحد ويجري ذلك مجرى حكيم قال لأصحابه تقدم لهم العلم بعموم طاعة بعض خواصه عليهم أطيعوا فلانا وأشار إليه الطاعة التي تعدونها وفلانا وأشار إلى من لم يتقدم لهم العلم بحاله في وجوب مشاركة الثاني للأول في الطاعة وعمومها بغير إشكال.
ترتيب آخر الأمة في أولي الأمر رجلان :
أحدهما يخص بها أمراء السرايا وهم أمراء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
والآخر يخص بها عليا وذريته عليهم السلام المذكورين ويحكم بها على إمامتهم.
وإذا بطل أحد القولين ثبت الآخر ولا يجوز توجهها إلى أمراء السرايا من وجوه.
أحدها إن ظاهرها يفيد عموم الطاعة من كل وجه وطاعة أمراء السرايا مختصة بالمأمورين لهم وبزمان ولايتهم وبما كانوا ولاة فيه فطاعتهم على ما ترى خاصة من كل وجه وما تضمنه الآية عام من كل وجه.
ومنها أنه سبحانه وصف أولي الأمر بصفة لم يدعها أحد لأمراء السرايا فقال ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (١) فحكم تعالى بكون أولي الأمر ممن يوجب خبره العلم بالمستنبط وحال أمراء السرايا بخلاف ذلك.
ومنها أن صحة هذه الفتيا مبنية على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان
__________________
(١) النساء ٤ : ٨٣.