فصلّى ما شاء الله أن يصلّي ، ثمّ ذكر نحو كلامه الأوّل إلاّ أنّه نعس عن انقضاء كلامه ساعة ثمّ انتبه فقال : يا بن عبّاس. فقلت : هانذا يا أمير المؤمنين. قال : ألا احدّثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ قلت : نامت عيناك ورأيت خيرا. فقال : رأيت كأنّي برجال نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم وهي بيض تلمع وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة ، ثمّ رأيت كأنّي هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض فرأيتها تضطرب بدم عبيط ، وكأنّي بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخّي قد غرق فيه يستغيث ولا يغاث ، وكأنّ الرجال البيض الذين نزلوا من السماء ينادونه ويقولون : صبرا آل الرسول فإنّكم تقتلون على أيدي شرار الناس ، وهذه الجنّة إليك يا أبا عبد الله مشتاقة ، ثمّ يعزّونني ويقولون : يا أبا الحسن ابشر فقد أقرّ الله عينك به يوم القيامة ، يوم يقوم الناس لربّ العالمين ، ثمّ انتبهت هكذا ، والذي نفسي بيده لقد حدّثني الصادق المصدّق أبو القاسم صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : وإنّي سأراها في خروجي الى أهل البغي علينا ، وهذه أرض كرب وبلاء ، وستذكر كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس.
ثمّ قال : يا بن عبّاس اطلب لي حولنا بعر الظباء فو الله ما كذبت ولا كذّبت ، وهي مصفرة لونها لون الزعفران.
قال ابن عبّاس : فطلبتها فوجدتها مجتمعة ، فناديته : يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال عليّ : صدق الله ورسوله. ثمّ قام يهرول إليها فحملها وشمّها وقال : هي هي بعينها يا بن عبّاس ، تعلم ما هذه البعرات؟ هذه قد شمّها عيسى بن مريم عليهالسلام. ثمّ قال عليّ عليهالسلام : يا ربّ عيسى بن مريم عليهالسلام لا تبارك في قتلته والحامل عليه والمعين عليه والخاذل له. ثمّ بكى طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه مغشيّا عليه ، ثمّ أفاق فأخذ البعر وصرّه في ردائه وأمرني أن أصرّها كذلك.
ثمّ قال لي : إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا فاعلم أنّ أبا عبد الله قد قتل بها ودفن.
وقال ابن عبّاس : لقد كنت أحفظها ولا أحلّها من طرف كمّي ، فبينا أنا في