البيت نائم وقد دخل عشر المحرّم إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما ، فجلست وأنا باك وقلت : قتل الحسين ، وذلك عند الفجر ، ورأيت المدينة كأنّها ضباب ، ثمّ طلعت الشمس وكأنّها منكسفة وكأنّ على الجدران دما ، فسمعت صوتا يقول وأنا أبكي :
اصبروا آل الرسول |
|
قتل الفرخ النجول |
نزل الروح الأمين |
|
ببكاء وعويل |
ثمّ بكى وبكيت. ثمّ حدّثت الذين كانوا مع الحسين عليهالسلام ، قالوا : لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ، فكنّا نرى أنّه الخضر عليهالسلام (١).
فصل
قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : لمّا اشتدّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرضه الذي مات فيه حضرته وقد ضمّ الحسين عليهالسلام الى صدره يسيل من عرقه عليه وهو يجود بنفسه ويقول : مالي وليزيد ، لا بارك الله فيه ، اللهمّ العن يزيد. ثمّ غشي عليه طويلا وأفاق وجعل يقبّل الحسين وعيناه تذرفان ويقول : أما انّ لي ولقاتلك مقاما بين يدي الله (٢).
فلمّا مات معاوية وذلك في النصف من رجب سنة ستّين من الهجرة كتب يزيد الى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ وكان واليا على المدينة من قبل معاوية ـ يأمره بأخذ البيعة ليزيد من أهل الحجاز وأن يدعو الحسين بن عليّ عليهماالسلام وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وأن لا يفارقهم دون البيعة ، ومن أبى منهم قتله.
فدعا الوليد مروان بن الحكم فاستشاره ، فقال له : أحضرهم الساعة قبل أن ينتشر الخبر بموت معاوية ، فمن أبى البيعة فاضرب عنقه. فقال الوليد : والله لا أفعل
__________________
(١) الأمالي للشيخ الصدوق : ص ٤٧٨ المجلس ٨٧ جزء من ح ٥.
(٢) مثير الأحزان : ص ٢٢.