عبد الله بشطّ الفرات. قال : قلت : ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : دخلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت : من أغضبك يا رسول الله ، ما لعينيك؟ قال : بل قام من عندي جبرائيل عليهالسلام آنفا فأخبرني أنّ الحسين عليهالسلام يقتل بشطّ الفرات ، وهل لك أن اشمّك من تربته ، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا (١).
وروي أنّ عيسى عليهالسلام مرّ بأرض كربلاء فرأى عدّة من الظباء هناك مجتمعة ، فأقبلت واحدة منهنّ إليه وهي تبكي ، فجلس وجلس الحواريون وبكى وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى.
فقالوا : يا روح الله ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا : لا. قال : هذه أرض يقتل فيها فرخ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحمد ، وفرخ الحرّة الطاهرة البتول شبيهة امّي ويلحد فيها ، وهي أطيب رائحة من المسك لأنّها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا يكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء عليهمالسلام ، وهذه الظباء تكلّمني وتقول إنّها ترعى في هذه الأرض شوقا الى تربة الفرخ المبارك. ثمّ ضرب بيده الى بعر تلك الظباء فشمّها وقال : اللهمّ أبقها أبدا حتى يشمّها أبوه فيكون له عزاء وسلوة. وبكى (٢).
وروى مشيخة المخالفين ، عن شيخ لأصحاب الحديث بالريّ يعرف بأبي عليّ بن عبدويه ، ويروون عن شيخ لهم بأصفهان يعرف بأبي بكر بن مردويه بإسناده عن ابن عبّاس رضياللهعنه قال : كنت مع عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في خرجته الى صفّين ، فلمّا نزل نينوى قال بأعلى صوته : يا ابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟ قلت : ما أعرفه. قال : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال : فبكى طويلا حتى اخضلّت لحيته وسالت الدموع على صدره وهو يقول : آوه آوه مالي ولآل أبي سفيان ، ومالي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر ، صبرا يا أبا عبد الله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثمّ دعا بماء فتوضّأ وضوء الصلاة
__________________
(١) مثير الأحزان : ص ١٨.
(٢) الأمالي للشيخ الصدوق : ص ٤٧٩ المجلس ٨٧ جزء من ح ٥.