وتقتاتون القدّ (١) ، أذلّة خاشعين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم.
فأنقذكم الله بنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد اللتيا والتي (٢) ، وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب (٣) ( كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ) ، وكلّما نجم (٤) ناجم بالضلال أو فغرت فاغرة للمشركين (٥) قذف أخاه في لهواتها (٦) ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه (٧) ، ويخمد لهبها بحدّ سيفه ، مكدودا دءوبا في ذات الله عزّ وجلّ (٨) ، وأنتم وادعون في رفاهية آمنون ، تتوكّفون الأخبار (٩) ، وتنكصون عن النزال (١٠) ، وترمقون ما يصير إليه الحال حتى إذا اختار الله لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم دار أنبيائه ومحلّ أصفيائه ظهرت حسكة النفاق (١١) ، وسمل جلباب الدين (١٢) ، ونطق كاظم (١٣) ،
__________________
(١) القدّ بكسر القاف وتشديد الدال : القديد وهو اللحم المملوح المجفف بالشمس.
(٢) اللتيّا بفتح اللام وتشديد الياء : تصغير الّتي ، وجوّز بعضهم فيه ضمّ اللام ، وهما كنايتان عن الداهية الصغيرة والكبيرة.
(٣) يقال مني بكذا ـ على صيغة المجهول ـ أي ابتلي. وبهم الرجال : الشجعان منهم لأنّهم من شدّة بأسهم لا يدرى من أين يؤتون. وذؤبان العرب : لصوصهم وصعاليكهم.
(٤) نجم الشيء نجوما : ظهر وطلع.
(٥) فغرفاه : أي فتحه ، والفاغرة من المشركين : الطائفة العادية منهم تشبيها بالحيّة أو السبع.
(٦) القذف : الرمي. واللهوات بالتحريك : جمع لهاة وهي اللحمة في أقصى سقف الفم. والمعنى :
أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّما أراده طائفة من المشركين أو عرضت له داهية عظيمة بعث عليّا عليهالسلام لدفعها وعرّضه للمهالك.
(٧) انكفأ بالهمزة : أي رجع ، والصماخ بالكسر : ثقب الاذن والاذن نفسها ، والأخمص : ما لا يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي. ووطي الصماخ بالأخمص عبارة عن القهر والغلبة على أبلغ وجه.
(٨) المكدود : من بلغه التعب والذي ، وذات الله : أمره ودينه وكلّ ما يتعلّق به سبحانه.
(٩) التوكّف : التوقّع. والمراد أخبار المصائب والفتن.
(١٠) النكوص : الإحجام والرجوع عن الشيء ، والنزال بالكسر : أن ينزل القرنان عن إبلهما الى خيلهما فيتضاربا.
(١١) الحسكة : العداوة.
(١٢) سمل الثوب : صار خلقا ، والجلباب بالكسر : الملحفة.
(١٣) الكظوم : السكوت.