فصل
في صفة أمير المؤمنين عليهالسلام ووصف أخلاقه الرضيّة
قال حكيم بن جبير ، قال : قيل لحبّة بن جوين العرني رضياللهعنه : ألا تصف لنا أخلاق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام؟
قال لهم : نعم ، كان والله بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدرا ، وأذلّ شيء نفسا ، لا حقود ولا حسود ، ولا وثّاب ولا سبّاب ، ولا عيّاب ولا مغتاب ، يكره الوقيعة ، طويل الغم ، بعيد الهمّ ، وقورا ، ذكورا صبورا ، شكورا ، مغمورا ، مسرورا بفقره ، سهل الخليقة ، ليّن العريكة ، رصين الوقار (١) ، قليل الأذى ، لا متأفّك ولا متهتّك ، إن ضحك لم يخرق ، وإن غضب لم ينزق ، كان ضحكه تبسّما ، واستفهامه تعلّما ، ومراجعته تفهّما ، كثيرا علمه ، عظيما حلمه ، كثيرة رحمته ، لا يبخل ، ولا يضجر ، ولا يسخر ، ولا يحيف في حكمه ، ولا يحول في علمه ، نفسه أصلب من الصلد ، ومكادحته أحلى من الشهد ، لا جشع ولا هلع ، ولا عنف ولا صلف ، ولا متعمّق ولا متكلّف ، وصولا في غير عنف ، وبذولا في غير سرف ، جميل المنازعة ، كريم المراجعة ، عدلا إن غضب ، رفيقا إن طلب ، خليص الودّ ، وثيق العهد ، وفيّ الوعد ، شفيقا ، وصولا ، حليما ، حمولا ، قليل الفضول ، راضيا عن الله عزّ وجلّ ، مخالفا لهواه ، لا يغلظ على من يؤدّبه ، ولا يخوض فيما لا يعنيه ، كثير الفضل ، صدوق اللسان ، عفيف الطعمة ، خفيف المئونة ، قليلا شرّه ، كثيرا خيره ، إن سئل أعطى ، وإن ظلم عفا ، إن قطع وصل ، مستهترا بعلمه ، مستأنسا بربّه ، يأنس الى البلاء كما يستوحش منه أهل الدنيا ، أمّارا بالحقّ ، لهجا بالصدق ، مسارعا في أمر الله ، قد عرف قدر نفسه فثنى كبرها ، ومقت فخرها ، وألزمها كلّ ذلّة ، وبذلها لكلّ مهينة ، ناصر الله عزّ وجلّ ، محاميا عن المؤمنين ، كهفا للمسلمين ، لا يخرق النبأ (٢) سمعه ، ولا ينكأ الطمع قلبه ، ولا يصرف الغيب حكمه ، قوّالا ، عمّالا ، عالما ، حازما ،
__________________
(١) كذا ، والصواب : الوفاء.
(٢) في الكافي : الثناء.