وإنّي مصدّقة بكلمات جدّي إبراهيم الخليل ، وانّه بنى بيتك العتيق ، فبحقّ هذا البيت ومن بناه إلاّ يسّرت ولادتي ، وبحقّ هذا المولود الذي في أحشائي.
قال العبّاس ويزيد بن قعيب : فانفتح البيت وغابت عن أبصارنا ، فاجتهدنا أن تصل إليها واحدة من النساء فما قدرنا عليه ، فبقيت في هذا البيت ثلاثة أيّام ثمّ أخذت عليّا عليهالسلام على يديها ، ثمّ قالت : معاشر الناس إنّ الله عزّ وجلّ اختارني من نساء خلقه وفضّلني على جميع المختارات اللواتي مضين من قبلي ، اختار الله تعالى آسية بنت مزاحم وأنّها عبدت الله تعالى في موضع لم يحبّ أن يعبد إلاّ اضطرارا ، واختار الله عزّ وجلّ مريم بنت عمران في ولادة عيسى عليهماالسلام فهزّت إليها بالجذع اليابس من النخلة في فلاة حتى تساقط رطبا جنيّا ، وأنّ الله عزّ وجلّ اختارني وفضّلني بابني ، ولدت في بيته العتيق ، وبقيت فيه ثلاثة أيّام آكل من ثمار الجنّة ، فلمّا خرجت ومعي ولدي هتف بي هاتف : يا فاطمة سميه عليّا فهو عليّ وأنّا العليّ الأعلى ، خلقته من قدرتي وقسط عدلي وعزّة جلالي ، وشققت اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، وفوّضت إليه أمر ديني ، ووقفته على غامض علمي ، وولد في بيتي ، وهو أوّل من يؤذّن فوق بيتي ، ويكسر الأصنام ويرميها على وجوهها ، ويعظّمني ويمجّدني ويهلّلني ويقدّسني ، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيّي وخيرتي من خلقي محمّد رسولي ، وهو وصيّه ، فطوبى لمن أطاعه ، والويل لمن عصاه (١).
قال أبو وهب البختري القرشيّ : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام عما قمطه به. فقال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعمد الى الجلود الطائفيّة فيبشرها (٢) ويقمّط بها عليّا عليهالسلام ، وهي مبطّنة بالحيش الأبيض مخروزة بخيوط الكتان ، فكان يتمطّى في القمط فيقطعها ، حتّى أنّه قطع في نفاسه ثلاثة وسبعين قماطا (٣).
* * *
__________________
(١) معاني الأخبار : ص ٦٢ ح ١٠ ، بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٨ باب ١ ح ١١ ، روضة الواعظين :
ص ٧٦ ـ ٧٧.
(٢) كذا ، والصواب : فينترها.
(٣) روى نظيره في بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٣٨ باب ١ قطعة من ح ٣٧ وج ٤١ ص ٢٧٤ باب ١١٣ ح ١.