أنّه وصف الحيّتين فأتيتك وبشّرتك بما عاينت وشاهدت من ابني عليّ.
قال : فبكى المثرم ثمّ سجد شكرا لله تعالى ، ثم تمطّا فقال : غطّني بمدرعتي ، فغطّيته ، فإذا أنا به ميّت كما كان ، فأقمت عنده ثلاثا اكلّم فلا اجاب ، فاستوحشت لذلك ، وخرجت الحيّتان فقالتا لي : السلام عليك يا أبا طالب ، فأجبتهما ، ثمّ قالتا لي : الحق بوليّ الله فأنت أحقّ بصيانته وحفظه من غيرك. فقلت لهما : من أنتما؟ قالتا : نحن عمله الصالح خلقنا الله من ميراث عمله ، فنحن نذبّ عنه الأذى الى أن تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة كان أحدنا قائده والآخر سائقه ودليله الى الجنّة ، ثمّ انصرف أبو طالب الى مكّة.
قال جابر : فقلت : يا رسول الله ، الله اكبر ، إنّ الناس يقولون إنّ أبا طالب مات كافرا.
قال : يا جابر ربّك أعلم بالغيب ، انّه لمّا كانت الليلة التي اسري بي فيها الى السماء انتهيت الى العرش فرأيت أربعة أنوار فقلت : ما هذه الأنوار؟
فقيل : هذا عبد المطّلب ، وهذا عمّك أبو طالب ، وهذا أبوك عبد الله ، وهذا أخوك طالب.
فقلت : إلهي وسيّدي فبما نالوا هذه الدرجة؟
قال : بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر وصبرهم على ذلك حتى ماتوا (١).
حدّث محمّد بن علي العبّاسي ، قال : حدّثنا علي بن علي البصري نزيل شيراز ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن داود ، قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن علي الرياحي ، عن الحسين بن زيد ، عن أبيه يزيد بن قعيب الرياحي ، قال : كنت أنا والعبّاس بن عبد المطّلب يوما جلوسا بإزاء بيت الله الحرام إذ أتت فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين عليهالسلام وكانت حاملة بعليّ لتسعة أشهر إلاّ يوما ، فأصابها الطلق وكان يوم التمام ، فوقعت (٢) بإزاء بيت الله الحرام ، ثمّ رمت بطرفها نحو السماء ثمّ قالت : ربيّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك الى رسول أو نبيّ وبكلّ كتاب أنزلته ،
__________________
(١) روضة الواعظين : ج ١ ص ٧٦ ـ ٨١.
(٢) كذا ، وفي البحار : وقفت.