أقول
: قد شاء التعصب والهوى أن يقول الشعبي : حدثني الحارث الاعور وكان كذابا وان
يتابعه جماعة على رأيه.
قال أبو عبد الله القرطبي في الجزء
الاول من تفسيره ص ٥ : الحارث رماه الشعبي بالكذب وليس بشئ ولم يبين من الحارث كذب
، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي عليهالسلام
وتفضيله له على غيره ، ومن ههنا ـ والله أعلم ـ كذبه الشعبي لان الشعبي يذهب إلى
تفضيل أبي بكر وإلى أنه أول من أسلم.
قال ابن حجر في ترجمة الحارث : وقد فسر
ابن عبد البر في كتاب العلم السر في طعن الشعبي على الحارث فقال : إنما نقم عليه
لافراطه في حب علي عليهالسلام
، وأظن أن الشعبي عوقب على تكذيبه الحارث لانه لم تبن منه كذبة أبدا.
وقال ابن شاهين في الثقات : قال أحمد بن
صالح المصري : الحارث الاعور ثقة ما أحفظه وما أحسن ما روى عن علي وأثنى عليه ، قيل
له فقد قال الشعبي : كان يكذب ، قال : لم يكن يكذب في الحديث إنما كان كذبه في
رأيه.
بربك أخبرني أيها الناقد البصير هل يجوز
في شريعة العلم؟ أو هل يسوغ الدين نسبة الفاحشة إلى المسلم ، وقذفه بالكذب بمجرد
ولائه لامير المؤمنين عليهالسلام
وتفضيله إياه على غيره؟ أليس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
هو الذي جاهر بتفضيل علي عليهالسلام
على غيره ، حتى جعله منه بمنزلة هارون من موسى وأثبت له خصالا لم يحظ بمثلها رجل
من الصحابة ، وقد شهد بذلك ـ على ما رواه الحاكم في المستدرك ـ الجزء ٣ ص ١٠٨ ـ
سعد بن أبي وقاص أمام معاوية حين حمله على سبه فقال : « كيف أسب رجلا كانت له خصال
من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، لو أن لي واحدة منها لكان أحب إلي من حمر النعم » ثم ذكر قصة الكساء ، وحديث
المنزلة وإعطاء الراية له في يوم خيبر ، ولم يكتف نبي الاسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك حتى أعلم الامة بمنزلة الرفيعة ـ
كما في نفس المصدر ص ١٠٨ ـ فقال لعلي : « من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد
عصى الله ، ومن أطاعك فقد أطاعني ، ومن عصاك فقد عصاني » ، وغير ذلك من فضائله
التي لا تعد ولا تحصى.