ذكر المفسرون : أن من يطلب الهداية من الله لا بد وأن يكون فاقدا لها ، فكيف يطلبها المسلم الواحد في صلاته ، وأجابوا عنه بوجوه :
١ ـ أن يراد بالهداية : الاستمرار عليها ، فبعد ما من الله تعالى على المصلي بهدايته إلى الايمان يطلب منه الاستمرار والثبات على هذه النعمة لئلا تزل له قدم بعد ثبوتها.
٢ ـ أن يراد بالهداية : الثواب فمعناه إهدنا طريق الجنة ثوابا لنا.
٣ ـ أن يراد بالهداية : زيادتها فإن الهداية قابلة للزيادة والنقصان ، فمن كان واجدا لمرتبة منها جاز أن يطلب مرتبة أكمل منها.
وكل هذه الوجوه استحسانية تخالف ما يقتضيه ظاهر الآية المباركة والصحيح أن يقال : إن الهداية التي يطلبها المسلم في صلاته هي هداية غير حاصلة له ، وإنما يطلب حصولها من ربه فضلا منه ورحمة.
وتوضيح ذلك : أن الهداية من الله تعالى على قسمين : هداية عامة وهداية خاصة ، والهداية العامة قد تكون تكوينية ، وقد تكون تشريعية ، أما الهداية العامة التكوينية فهي التي أعدها الله تعالى في طبيعة كل موجود سواء أكان جمادا أم كان نباتا أو حيوانا ، فهي تسري بطبعها أو باختيارها نحو كمالها ، والله هو الذي أودع فيها قوة الاستكمال ، ألا ترى كيف يهتدي النبات إلى نموه ، فيسير إلى جهة لا صاد له عن سيره فيها ، وكيف يهتدي الحيوان فيميز بين من يؤذيه