بالاشياء منذ الازل
لا يزاحم ولا ينافي قدرته تعالى عليها حين إيجادها ، فإن الممكن لا يزال منوطا
بتعلق مشيئة الله بوجوده التي قد يعبر عنها بالاختيار ، وقد يعبر عنها بالارادة ، فإن
تعلقت المشيئة به وجد وإلا لم يوجد. والعلم الالهي يتعلق بالاشياء على واقعها من
الاناطة بالمشيئة الالهية ، لان انكشاف الشئ لا يزيد على واقع ذلك الشئ ، فإذا كان
الواقع منوطا بمشيئة الله تعالى كان العلم متعلقا به على هذه الحالة ، وإلا لم يكن
العلم علما به على وجهه ، وانكشافا له على واقعه. فمعنى تقدير الله تعالى للاشياء
وقضائه بها : أن الاشياء جميعها كانت متعينة في العلم الالهي منذ الازل على ما هي
عليه من أن وجودها معلق على أن تتعلق المشيئة بها ، حسب اقتضاء المصالح والمفاسد
التي تختلف باختلاف الظروف والتي يحيط بها العلم الالهي.
موقف اليهود
من قدرة الله :
وذهبت اليهود إلى أن قلم التقدير
والقضاء حينما جرى على الاشياء في الازل استحال أن تتعلق المشيئة بخلافه. ومن أجل
ذلك قالوا : يد الله مغلولة عن القبض والبسط والاخذ والاعطاء ، فقد جرى فيها قلم
التقدير ولا يمكن فيها التغيير
، ومن الغريب أنهم ـ قاتلهم الله ـ التزموا بسلب القدرة عن الله ، ولم يلتزموا
بسلب القدرة عن العبد ، مع أن الملاك في كليهما واحد ، فقد تعلق العلم الازلي
بأفعال الله تعالى ، وبأفعال العبيد على حد سواء.
موقع البداء
عند الشيعة :
ثم إن البداء الذي تقول به الشيعة الامامية
إنما يقع في القضاء غير المحتوم ، أما المحتوم منه فلا يتخلف ، ولا بد من أن تتعلق
المشيئة بما تعلق به القضاء ، وتوضيح ذلك أن القضاء على ثلاثة أقسام :