وبينما هو في مرضه إذ دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده ، فبكى سلمان ، « فقال له سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو عنك راضٍ ، وترد عليه الحوض .
فقال سلمان : أما اني لا أبكي جزعاً من الموت ، ولا حرصاً على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلينا فقال : ليكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب ، وحولي هذه الأساود .
وإنما حوله إجانة ، وجفنة ، ومطهرة . (١)
واشتد به المرض ، فمر على المقابر ـ وكأنه أراد أن يستعلم أمره ـ فقال : السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين ، يا أهل الدار هل علمتم أن اليوم جمعة .
وحين عاد إلى مقره استلقى على فراشه ، فغفى ونام « فأتاه آتٍ فقال : وعليكم السلام يا أبا عبد الله ، تكلمت فسمعنا ، وسلمت فرددنا ، وقلت : هل تعلمون أن اليوم جمعة ، وقد علمنا ما تقول الطير في يوم الجمعة : قدوس . . قدوس . . ربنا الرحمن الملك . . » (٢)
وأفاق سلمان من غفوته ، ثم التفت إلى من حوله قائلاً لهم : أسندوني ، فلما أسندوه رمق السماء بطرفه وقال :
« يا من بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ، وهو يجير ولا يجار عليه بك آمنتُ ، ولنبيك إتبعت ، وبكتابك صدقتُ ، وقد أتاني ما وعدتني ، يا من لا يُخلف الميعاد إقبضني إلى رحمتك ، وانزلني دار كرامتك ، فأنا أشهد أن لا إله إلاه إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . » (٣) والتفت إلى من حوله قائلاً :
__________________
(١) : نفس المصدر / ٣٨١ خبر معروف .
(٢) : سلمان الفارسي / ١٣٨ ـ ١٣٩ .
(٣) : البحار ٢٢ / ٣٧٩ .