فقال
: يا أمير المؤمنين هذه راحلتي وزادي أريد هذا البيت أعني بيت المقدس .
فقال
عليه السلام : كل زادك ، وبع راحلتك وعليك بهذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ فانه أحد المساجد الأربعة ، ركعتان فيه تعدلان عشراً فيما سواه من المساجد ، والبركة منه إلى إثنى عشر ميلاً من حيث أتيته ، وهي نازلة من كذا ألف ذراع . وفي زاويته فار التنور ، وعند الاسطوانة الخامسة صلى ابراهيم عليه السلام ، وقد صلى فيه ألف نبي وألف وصي وفيه عصا موسى والشجرة اليقطين ، وفيه هلك يغوث ويعوق وهو الفاروق ، وفيه مسير لجبل الأهواز ، وفيه مصلى نوح عليه السلام ، ويحشر منه يوم القيامة سبعون ألفاً ليس عليهم حساب ، ووسطه على روضة من رياض الجنة ، وفيه ثلاث أعين من الجنة تذهب الرجس وتطهر المؤمنين ، لو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه حبواً .
هذه
البقعة الطاهرة لم يكن لها إسم قبل السنة السابعة عشرة للهجرة ، أو على الأقل لم تكن معروفة بهذا الإسم قبل ذلك الحين ، فالعرب يقولون للرملة الحمراء : كوفة ويقولون لكل رمل وحصباء مختلطين : كوفة . فما هي قصتها . ؟
يبدو
أن المسلمين بعد أن فرغوا من حرب القادسية والمدائن وأقاموا فيهما لم تلائم التربة ولا الطقس أجسامهم ، فتغيرت ألوانهم ونحلت أبدانهم ، فكتب حذيفة إلى عمر : إن العرب قد رقّت بطونها ، وجفَّت أعضادها ، وتغيرت ألوانها .
فكتب
عمر إلى سعد : اخبرني مالذي غير ألوان العرب ولحومهم ؟
فكتب
اليه سعد : إن الذي غيَّرهم وَخُومةُ البلاد ، وإن العرب لا يوافقها إلا ما وافق إبلها من البلدان .
__________________