واقنطوا من الرخاء ، وقد نابذتكم على سواء ، فانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء .
عليكم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فوالله لقد سلمنا عليه بالولاية وأمرة المؤمنين مراراً جمة مع نبينا ، كل ذلك يأمرنا به ، ويؤكده علينا ، فما بال القوم عرفوا فضله فحسدوه ! وقد حسد هابيل قابيل فقتله ! وكفاراً قد ارتدت أمة موسى بن عمران ، فأمر هذه الأمة كأمر بني اسرائيل ، فأين يذهب بكم ؟ .
أيها الناس ، ويحكم ؛ أجهلتم أم تجاهلتم ، أم حسدتم أم تحاسدتم ؟ والله لترتدن كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف ، يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة ، ويشهد الشاهد على الكافر بالنجاة ، ألا وأني أظهرت أمري ، وسلمت لنبيي ، واتبعت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علياً أمير المؤمنين عليه السلام وسيد الوصيين ، وقائد الغر المحجلين ، وإمام الصديقين والشهداء والصالحين . (١)
ويؤكد موقفه هذا كلمته المشهورة يوم السقيفة حين أخبر بمبعاية الناس لأبي بكر ، وهي قوله : « كرديد ونكرديد » وقد ذكرها المعتزلي في شرح النهج في أكثر من مورد كما ذكرها غيره . إلا أنهم إختلفوا في تفسيرها . لكن الذي يظهر أن معناها فعلتم وما فعلتم . وابن أبي الحديد نفسه يفسرها بتفاسير مختلفة . فتارةً يقول : « أن المراد صنعتم شيئاً وما صنعتم أي استخلفتم خليفةً ونعم ما فعلتم ، إلا أنكم عدلتم عن أهل البيت ، فلو كان الخليفة منهم كان أولى . » (٢)
وأخرى يقول : « تفسره الشيعة فتقول : أراد أسلمتم وما أسلمتم ، ويفسره أصحابنا فيقولون معناه : أخطأتم وأصبتم » (٣)
وفي الحقيقة أن مراد سلمان واضح جداً ، بل صرح به هو حيث قال مخاطباً
__________________
(١) : الاحتجاج ١ / ١٥١ ـ ١٥٢ .
(٢) : شرح النهج ١٨ / ٣٩ .
(٣) : شرح النهج ٦ / ٤٣ .