الخيرات (١).
هذا وهو المنصور العدوّ الألدّ للصادق ، الذي كان مجاهدا في النيل من كرامته والقضاء عليه.
بل أن الملاحدة على كفرهم وعدائهم للاسلام ورجاله كانوا يعظّمونه ويعترفون له بغزارة العلم ، والميزة بالصفات الروحيّة والملكات القدسيّة ، أمثال ابن المقفّع وابن أبي العوجاء والديصاني وغيرهم ، فهذا ابن المقفع يقول : ترون هذا الخلق ـ وأومأ بيده الى موضع الطواف ـ ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانيّة إلاّ ذلك الشيخ الجالس ، يعني الصادق عليهالسلام ، وقال ابن أبي العوجاء : ما هذا ببشر ، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسّد اذا شاء ويتروّح اذا شاء باطنا فهو هذا ، يعني الصادق عليهالسلام. (٢)
وكان ابن أبي العوجاء اذا سأل أحد أصحاب الصادق عليهالسلام عن شيء غامض واستمهله ، ثمّ أتاه بالجواب بعد حين واستحسنه ، قال : هذه نقلت من الحجاز.
وهكذا كان الديصاني مع أصحاب الصادق عليهالسلام ، وما يقوله فيم يحملون إليه جوابه.
وهذه قطرة من غيث ممّا نطق به أهل الفضل في شأن الصادق عليهالسلام مع اختلاف الزمن والبلد والذوق والرأي في القائلين ، اقدّمها أمام الدخول في حياته التفصيليّة لتعطيك صورة إجماليّة عن هذه الشخصيّة الفذّة ، فإن هذه الكلمات مع وجازتها تعلم القارئ عمّا لأبي عبد الله عليهالسلام من فضيلة بل فضائل ، وعمّا له من آثار ومآثر.
__________________
(١) تأريخ اليعقوبي : ٣ / ١١٧ ..
(٢) الكافي : كتاب التوحيد منه ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث : ١ / ٧٤ ..