بدع لو كانت
مواقفهم مع آل الرسالة تلك المواقف المشهودة ولو كانوا على غير ما عرفته الأيام
منهم لكان ذلك بدعا من خلائقهم وأخلاقهم.
وأما بنو العبّاس
، فإنهم حين ملكوا الأمر ، وعبروا الجسر إلى مآربهم ، الجسر الذي أقاموه على أكتاف
الشيعة ، ورفعوا أعمدته من جماجم أولئك السذّج ، عرفوا أن الحال إن هدأت سوف
يحاسبهم الناس على الحقّ وموضعه والخلافة وأهلها ، لأنهم لم ينهضوا معهم إلاّ لهدم
عروش أميّة ، وللأخذ بترات الدماء الزكيّة التي أريقت من غير جرم ، ولبناء خلافة
الرضا من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما قاموا وقاوموا لأن يقيموا عرشا لبني العبّاس دون بني
علي فارتأى العبّاسيّون أن يفتكوا بالرجال الذين عبّدوا لهم السبل ، ووطّدوا لهم
الطريق لاعتلاء أسرّة الحكم ، كأبي سلمة الخلاّل وغيره ، حذرا من ذلك الحساب ورأوا
أن يضيّقوا على أبناء علي ، ويضعوا عليهم العيون والرصد ، خوفا من تلك النزعات
التي تخالج نفوسهم أو يحملهم عليها الناس ، ورأوا أن يكمّوا أفواه الشيعة بالإرهاب
خشية من ذلك السؤال والحساب.
فما كانت جناية
أبناء عليّ لديهم إلاّ أنّهم أهل الحقّ والمقام ، وأهل البيعة والخلافة ، بالقرابة
أو بالنصّ أو بالفضيلة.
ولم يكن شيء
يدعوهم لإنزال الضربات بالعلويّين سوى أن العلويّين أجدر بالخلافة التي غلب عليها
العبّاسيّون ، وأن العبّاسيّين لا يأمنون من وثباتهم ما برح لأبناء عليّ مكانة
سامية بين الناس ، وما برح فيهم قروم تطمح إليهم الأنظار وتهوى إليهم القلوب ،
فاتخذ العبّاسيّون الغضّ من كرامة آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والفتك باولئك القروم ذريعة لميل النفوس وانكفاء الأهواء
عنهم ، ولو حذرا من الفتك والبطش ، كما كان دأبهم الإرغام لمعاطس شيعة أهل البيت
والتنكيل بهم ، لئلاّ تكون لهم قوّة وشوكة يستعين بها أهل البيت على النهضة.