بقاء الكلي تارة لا يكون ناشئاً من جهة الشك في حدوث فرد ، وأخرى يكون من جهة الشك في حدوث الفرد ، وعلى كل من التقديرين تارة يكون الكلي معلوماً ضمن فرد تفصيلاً ، وأخرى يكون معلوماً ضمن أحد فردين إجمالاً. وفيما يلي نستعرض كل قسم من هذه الأقسام الأربعة.
القسم الأول ـ أَن يكون الكلي معلوماً ضمن فرد تفصيلا ويُشك في بقائه ضمن نفس الفرد ، كما لو علم بدخول الإنسان مثلاً ضمن زيد في المسجد وشك في خروجه فيستصحب الكلي إذا كان الأثر الشرعي مترتباً عليه كما يجري استصحاب الفرد إذا كان يترتب عليه الأثر لتمامية أركان الاستصحاب في كل منهما ، واستصحاب الكلي في هذه الحالة جار على كل حال سواء فسرنا استصحاب الكلي وفرقنا بينه وبين استصحاب الفرد على أساس كون المستصحب هو الوجود السعي للكلي على طريقة الرّجل الهمداني ـ التصور الأول ـ أو الحصة ـ التصور الثاني ـ أم الخارج بمقدار مرآتية العنوان الكلي ـ التصور الثالث ـ إذ على كل هذه الوجوه تعتبر أركان الاستصحاب تامة.
القسم الثاني ـ ان يكون الكلي معلوماً إجمالاً ضمن أحد فردين ويشك في بقائه على كلا تقديريه ، كما ذا علم بوجود زيد أو خالد في المسجد ويشك في بقائه سواء كان زيداً أم خالداً. والحديث عن هذا القسم يقع ضمن نقاط :
النقطة الأولى ـ في جريان استصحاب الكلي في هذا القسم على التصورات الثلاثة المتقدمة ، ولا إشكال في جريانه بناء على التصور الأول والثالث لتمامية أركان الاستصحاب من اليقين بالحدوث والشك في البقاء في الكلي بناء على إرجاعه إلى استصحاب الوجود السعي أو استصحاب الواقع بمقدار مرآتية العنوان الإجمالي. واما بناءً على التصور الثاني الّذي كان يرجع استصحاب الكلي إلى استصحاب الحصة فلا يمكن إجراء استصحاب الكلي ، لأنه لا يقين بحدوث أي واحدة من الحصتين وانما يعلم بالجامع بينهما فكيف يجري استصحابها (١) اللهم إلاّ ان تلغى ركنية اليقين
__________________
(١) الحصة من الإنسان الموجودة ضمن زيد أو الموجودة ضمن خالد وان لم يكن هناك يقين بها تفصيلاً إلاّ ان الحصة من الإنسان يعلم بتحققها تفصيلاً في المسجد لأنَّ الحصة لا تزداد على الكلي بقيد مفهومي ، وتمايز الحصص ليس بذلك بل باختلاف طرف الإشارة إلى الوجودات العينية الخارجية فاليقين بحدوث حصة من الإنسان في المسجد تام أيضا.