وثالثاً ـ الحل ؛ وحاصله : انه لو أُريد إجراء الاستصحاب في العنوان الّذي هو موضوع الأثر الشرعي وهو الحدث أو الجنابة فقد عرفت انَّ هذا العنوان علم بتحققه ضمن فرد وزواله ويشك في بقائه ضمن فرد آخر لا يقين بأصل حدوثه ، وان أُريد إجراؤه في العنوان الإجمالي الانتزاعي كعنوان الجنابة الحادثة بذلك الأثر أو الحدث الحاصل بآخر موجب أو الفرد الّذي لا يكون بعده فرد آخر فهذا العنوان ليس موضوعاً للأثر الشرعي ليكون هو مركب الاستصحاب هذا إن أُريد جعله محط الاستصحاب حقيقة ، وان أُريد اتخاذه مشيراً إلى الواقع لجعله محط الاستصحاب أو بتعبير آخر التعبد ببقاء نفس العلم الإجمالي بلحاظ منجزيته فقد عرفت انَّ هذا من استصحاب الفرد المردد ومن العلم الإجمالي غير المنجز للعلم تفصيلاً بارتفاع أحد طرفيه. وهكذا يتضح انَّ ما أفاده السيد الأستاذ من وجود قسم رابع يجري فيه استصحاب الكلي غير تام لا موضوعاً ولا حكماً.
المستصحب تارة يكون وجوداً قاراً لم يؤخذ فيه التدرج والحركة لا ذاتاً ولا عرضاً كما في استصحاب بقاء الإنسان ، وأخرى يكون امراً تدريجياً امّا بذاته كالزمان والحركة أو باعتبار إضافته إلى ذلك وتقيده به كالجلوس في النهار مثلاً. وقد وقع البحث والإشكال في جريان الاستصحاب في هذا النوع من الأمور للتشكيك في تمامية أركان الاستصحاب وتوهم عدم وحدة المتيقن والمشكوك فيها. وفيما يلي نورد البحث في مقامين :
المقام الأول ـ في استصحاب الزمان والزمانيات أي الأمور التي تكون متحركة وغير قارة بطبيعتها. ولنبدأ البحث عن استصحاب الزمان كاستصحاب بقاء النهار فنقول تارة يراد استصحاب الزمان بنحو مفاد كان التامة كاستصحاب بقاء النهار أو بقاء الشهر ، وأخرى يراد استصحاب الزمان بنحو مفاد كان الناقصة أي استصحاب كون هذا الآن نهاراً أو هذا اليوم من رمضان.
امّا النحو الأول من استصحاب الزمان فقد يستشكل فيه بأنَّ الزمان يحدث شيئاً فشيئاً وكلما حدث جزء منه انصرم وقضى ، بل ليس إلاّ عبارة عن التجدد والحدوث