ونزوله لتهيئة المواد الغذائية . وهذا أيضاً تفسير بما نراه من غير علم إذ لا مستند له إلا أنّا لا نعلم شيئاً ينزل من السماء غير المطر ، والذي بأيدينا هيهنا عدم العلم دون العلم بالعدم .
وإن تعالينا عن هذا المستوى أيضاً واجتنبنا ما فيه من القول في القرآن بغير علم وأبقينا الكلام على إطلاقه التام ، وحكمنا أن قوله : « وإن من شيء إلا عندنا خزائنه » يبين أمر الخلقة غير أنا لما كنا لا نشك في أن ما نجده من الأشياء المتجددة بالخلقة كالانسان والحيوان والنبات وغيرها لا تنزل من السماء ، وإنما تحدث حدوثاً في الأرض حكمنا بأن قوله : وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ، كناية عن مطاوعة الأشياء في وجودها لإرادة الله تعالى ، وأن الإرادة بمنزلة مخزن يختزن فيه جميع الأشياء المخلوقة وإنما يخرج منه وينزل من عنده تعالى ما يتعلق به مشيته تعالى ، وهذا أيضاً كما ترى تفسير للآية بما نراه من غير علم ، إذ لا مستند لنا فيه سوى أنا نجد الأشياء غير نازلة من عند الله بالمعنى الذي نعهده من النزول ، ولا علم لنا بغيره .
وإذا تأملت ما وصفه الله تعالى في كتابه من أسماء ذاته وصفاته وأفعاله وملائكته وكتبه ورسله والقيامة وما يتعلق بها ، وحكم أحكامه وملاكاتها ، وتأملت ما نرومه في تفسيرها من إعمال القرائن العقلية وجدت أن ذلك كله من قبيل التفسير بالرأي من غير علم ، وتحريف لكلمه عن مواضعها .
وقد تقدم في الفصل الخامس من البحث في المحكم والمتشابه أن البيانات القرآنية بالنسبة الى المعارف الإلهية كالأمثال أو هي أمثال بالنسبة الى ممثلاتها . وقد فرقت في الآيات المتفرقة ، وبينت ببيانات مختلفة ليتبين ببعض الآيات ما يمكن أن يختفي معناه في بعض ، ولذلك كان بعضها شاهداً على البعض ، والآية مفسرة للآية ، ولولا ذلك لاختل أمر المعارف الإلهية في حقالقها ، ولم يمكن التخلص في تفسير الآية من القول بغير علم على ما تقدم بيانه .
ومن هنا يظهر : أن التفسير بالرأي كما بيناه لا يخلو عن القول بغير علم كما يشير الحديث النبوي السابق : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار .
ومن هنا يظهر أيضاً : أن ذلك يؤدي الى ظهور
التنافي بين الآيات القرآنية من حيث إبطاله الترتيب المعنوي الموجود في مضامينها فيؤدي الى وقوع الآية في غير