كثرة فعل المكروه ، لا انه كراهة مخصوصة ، ولعل ذلك منهم لعدم العمل برواية زرعة عن سماعة ، أو انهم فهموا انها رواية واحدة ، ورجحوا الأولى ، أو لغير ذلك.
بقي شيء وهو انهم ذكروا كراهة ما زاد على السبع ، وظاهره عدم الكراهة فيها ، وقد عرفت ان الرواية قد دلت على الإذن بقراءة ما بينه وبين سبع ، وفي تنقيح دلالتها على ذلك تأمل ، لكن لا بأس به لمكان الفتوى به ، وهل المراد بالكراهة هنا كراهة العبادة بمعنى أقلية الثواب أو المرجوحية الصرفة؟ لا يبعد الثاني ، فإن الأول لا يرتكب إلا في الشيء الذي لا يمكن ان يقع إلا عبادة ، فنلتزم حينئذ بذلك ، ودعوى أن قراءة القرآن من هذا القبيل ممنوعة ، إلا انه يظهر من الاستدلال الواقع من جملة من الأصحاب على الجواز بقوله تعالى (١) ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) ونحو ذلك قاض بالأول ، والظاهر ان المراد بالسبع آيات المتمايزات ، فلا يصدق بتكرير الآية الواحدة ، بل الظاهر عدم الكراهة في تكرير السبع أيضا ، لعدم صدق الزيادة حينئذ ، ولا فرق في الآيات بين طويلها وقصيرها. ثم ان الظاهر ان مراد المصنف بقوله : ( وأشد من ذلك قراءة سبعين ) كغيره ممن عرفت حصول الشدة ببلوغ السبعين ، فلو قرأ سبعين إلا آية بقي على المرتبة الأولى ، وتفرد المصنف بثبوت مرتبة ثالثة للكراهة ، فقال :
وما زاد أغلظ كراهية ولم أعثر على ذلك لغيره ، كما ان مدركه لا يخلو من نظر وتأمل.
ويكره للجنب أيضا مس المصحف عدا الكتابة منه بما يتحقق به مسمى المس ، أما الجواز فينبغي ان يكون مقطوعا به للأصل والاستصحاب ، مع عدم الخلاف فيه بين أصحابنا ، بل كاد ان يكون مجمعا عليه سوى ما ينقل عن المرتضى رحمهالله
__________________
(١) سورة المزمل ـ الآية ٢٠.