ثورة الإخوان
إنّ النتيجة الّتي انتهى إليها مؤتمر الرياض لم يرض عنها الرؤساء الثلاثة فيصل الدويش وسلطان بن بجاد وابن حثلين ، فصاروا ينشرون الإشاعات السيئة ضد ابن سعود ، وأنه بصدد هدم الدين وموالا الكفار وطلب الملك ، ويقطعون الطريق على القوافل ، ويهاجمون عشائر العراق.
كان عدد الثائرين نحواً من خمسة آلاف رجل فأعدّ عبدالعزيز جيشاً كبيراً لقتالهم يربو على خمسة عشر ألفاً ، ووقعت المعركة بين الفريقين في صباح ٣٥ آذار سنة ١٩٢٩ الموافق سنتة ١٣٤٩ هـ وانتهت بهزيمة الإخوان وانتصار عبدالعزيز.
يقول الدكتور علي الوردي : إنّ معظم بناة الدول يقتلون من ساعدهم على بنائها ، وسبب ذلك أن أولئك المساعدين يريدون أن يشاركوا الباني في ثمرة بنائه ، بينما هو لا يريد أن يتنازل لهم عن تلك الثمرة ، فينشب النزاع بينهم ، وربما ينتهي إلى القضاء على أولئك المساعدين ، وقد صدق من قال : السياسة لا أب لها.
ويبدو أنّ هزيمة الإخوان كانت بسبب أن المشايخ والعلماء كانوا مع عبد العزيز ، وهذا مما أدى إلى الوهن في عزيمة الإخوان ، وقلل من فدائيتهم وحماسهم الديني (١).
لمّا تخلّص عبدالعزيز من حركة الإخوان ، أنشأ جيشاً تحت إشراف بعض الضباط العرب من بقايا الجيش العثماني واستورد السيارات وأجهزة اللاسلكي ، وأنشأ مدارس حديثة في بلاده ، وهو وإن تخلّص من شرّ الإخوان لكنه ابتلي بشر علماء الدين النجدييين ، فقد أوجد فتح المدارس الإبتدائية في الحجاز ضجة بينهم ، فاحتجوا على عبد العزيز بأنه يجري تعلم الرسم أولا ، واللغات الأجنبية ثانياً ، والجغرافيا ثالثاً في تلك المدارس الحديثة.
__________________
١ ـ صادق حسن السوداني : العلاقات العراقية السعودية ، ص ٣٠٨ والوردي ، علي ، لمحات ص ٣٣٥.