لم يثق بعبد العزيز وأقواله ، وخاصة بعد أن اتخذنا قراراتنا بتجريمه وتكفيره وعزله » وفي هذا الإجتماع قال عبدالعزيز عن نفسه إنه خادم الشريعة ، يحافظ عليها أتم المحافظة ، وهو الّذي يعهدونه من قبل ولم يتغير كما يتوهم الناس ، ولا يزال ساهراً على مصالح العرب والمسلمين.
وفي عام ١٣٤٦ هـ قررت الحكومة العراقية التفاوض لإقامة مخافر للشرطة مجهزة باللاسلكي والسيارات المصفحة بالقرب من الحدود النجدية ، للإشراف على تنقلات البدو ، ومنع الغزو ، وفي أثناء إنشاء المخافر هاجم الإخوان مخفر البصية فقتلوا عدداً من العمال والشرطة الذين كانوا فيه ، ثم عادوا من حيث أتوا ، وتقدر المصادر البريطانية عدد القتلى بعشرين كان من بينهم امرأة واحدة. كان الإخوان يشنون غاراتهم على العشائر العراقية ويعيثون فيها نهباً وقتلا ، إلى أن اضطرت الطائرات الإنجليزية بإصرار من الحكومة العراقية إلى إلقاء منشورات على البادية تنذر الإخوان بالابتعاد عن الحدود العراقية بمسافة أربعمائة ميل ، ولكن لم يهتم الإخوان بهذه المنشورات ، فانتهت بقصف تجمعاتهم وقواهم (١).
إنّ قصف الطائرات وضع ابن سعود بين نارين : نار الإنجليز ونار الإخوان ، ووجد ابن سعود أن الأفضل أن يتفاوض مع الإنجليز بدلا من محاربتهم ، فجرت مفاوضات في جدة مرتين ، وكان يمثل الجانب البريطاني ( سرجلبرت كلايتون ) ورجع عبدالعزيز بعد ذلك إلى الرياض واجتمع مع الإخوان ، فأخذ يهدىء روعهم ، وطلب منهم أن يعرضوا شكاواهم عليه ، فذكرو اله منها علاقته بالكفار وصداقته مع الأنجليز ، واستعمال مخترعاتهم الشيطانية كالسيارات وأجهزة الهاتف ، وتساهله تجاه المخافر الّتي يبنيها الكفار على الحدود ، ومنع المسلمين من الجهاد لإعلاء كلمة اللّه ونصر دينه ، وفي هذا المؤتمر حاول ابن سعود أن يقنعهم بأن جهاد الكفار يجب أن يكون في حدود الطاقة ، وأن هذه الآلات ليست من السحر وعمل الشيطان.
____________
١ ـ فيلبي عبداللّه : تاريخ نجد ، ص ٣٥٩.