إليه من دون وعي بمعتقده ، وهذا بخلاف محمّد بن عبد الوهاب ، فقد تكللت دعوته بالنجاح النسبي ، فياترى ما هو السبب؟.
نجيب بكلمة واحدة ، إنّ ابن تيمية افتقد الأرضية الكفيلة بإنجاح دعوته لأنّه بثّها بين أوساط علمية ، كان فيهم كبار العلماء والفقهاء ، فأخمدوا ضوضاءها بالاستدلال والبرهنة ، فثاروا في وجهه ثائرة أخمدت دعوته وأبطلت كيده ، وكانت السلطة أيضاً ناصرت العلماء في مجابهتهم له ، فلم يكن لبذرة الفساد نصيب سوى الكمون في ثنايا الكتب ، أو النجاح في مرضى القلوب.
وأمّا ما يرتبط بدعوة محمّد بن عبد الوهاب فقد ساعد على إنجاحها وجود أرضية خصبة مليئة بالأُمية والجهل بمبادىء الإسلام ، تضاف إلى ذلك مناصرة سلطة آل سعود وتحالفهم معه في تطبيق دعوته ، على أن يكون التخطيط من الشيخ ، والإنجاز من السلطة بالقوة والإغارة والفتك والتخويف.
يقول الزهاوي : لمّا رأى ابن عبد الوهاب أنّ قاطبة بلاد نجد بعيدون عن عالم الحضارة ، لم يزالوا على البساطة والسذاجة في الفطرة ، وقد ساد عليهم الجهل حتّى لم تبق للعلوم العقلية عندهم مكانة ولا رواج ، وجد هنالك من قلوبهم ما هو صالح لأن تزرع فيه بذور الفساد ، مما كانت نفسه تنزع إليه وتمنيه به من قديم الزمان ، وهو الحصول على رئاسة عظيمة ينالها باسم الدين ـ إلى أن قال ـ : فلم يجد للحصول على أُمنيته طريقاً بين أولئك إلاّ أن يدّعي أنّه مجدد في الدين ، مجتهد في أحكامه; فحمله هذا الأمر على تكفير جميع طوائف المسلمين ، وجعلهم مشركين بل أسوأ حالا وأشدّ كفراً وضلالا ، فعمد إلى الآيات القرآنية النازلة في المشركين فجعلها عامة شاملة لجميع المسلمين ، الذين يزورون قبر نبيّهم ويستشفعون به إلى ربّهم (١).
الرادّون على محمّد بن عبد الوهاب
هذا غيض من فيض من حياة محمّد بن عبدالوهاب المليئة بالإجرام والإفساد والتضليل ، وشق عصا المسلمين ، فمن أراد التوسع في دراسة حياته
__________________
١ ـ جميل صدقي : الفجر الصادق ، ص ١٤.