فهذا الاعتراف الصريح من موالي الوهابيين يدل على أنهم كانوا في فترة من الزمن على تكفير المخالفين ، وتسمية الغارة على المسلمين جهاداً في سبيل اللّه.
نعم في الفترة الأخيرة الّتي أخذ فيها أزمّة الحكم في نجد والحرمين الشريفين عبد العزيز ، ثم خلفه أبناؤه من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد اليوم ، تنازلوا عن تكفير المسلمين علانية ، ولاترى هذه التهمة في صفحات وسائلهم الإعلامية السمعية والبصرية ، فتغير موقفهم بالنسبة إلى جميع الطوائف الإسلامية ، فيرون الحرمة لبلادهم ودمائهم وممتلكاتهم ، إلاّ الشيعة ، فهم موقفهم السابق منهم ، وخصوصاً بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران فقد تأججت نار أحقادهم وحميتهم العصبية عليهم ، فلا تمر برهة زمنية إلاّ وينتشر كتاب ضد الشيعة بأقلام المأجورين في مختلف أنحاء العالم ، ويبذلون مال اللّه ليصدّوا الناس عن طريقه.
سؤال وجواب
إنّ الوهابية امتداد فكري لما بذره أحمد بن تيمية في أوائل القرن الثامن وتعتبر حركتهم الهدامة انعكاساً جذرياً لمبادئه الضالة ، ويتمخض عن ذلك ، سؤال يستثيره نجاح محمد بن عبدالوهاب النسبي في تطبيق وإقرار مبادىء دعوته ، دون مؤسس المنهج أحمد بن تيمية ، فقد أخفق في دعوته ، وأخمدت في بادىء بدئها ، وإن كان قد تبعه بعض الناس فلم تكن متابعتهم له عن علم بمبادئه وغاياته.
وهذا ابن كثير الشامي التابع لمنهج ابن تيمية يقول : كان الناس يتبركون بجنازته (١) مع أنّه عنده شرك ، والشرك من أعظم الجرائم عند ابن تيمية ، فلم تكن متابعة جماعة من الناس له عن إحاطة ودراية ، بل مخالفته للحكم السائد في الشام ، وإبعاده منها إلى مصر ثم سجنه ، صارت سبباً لاستمالة قلوب الناس
__________________
١ ـ البداية والنهاية ، ج ١٤ ، حوادث عام ٧٢٨.