فقال له رجل : يا رسول اللّه ما خطاب لِهام سديت؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : واللّه ما أنت بأسمع منهم ، وما بينهم وبين أن تأخذهم الملائكة بمقامع من حديد إلاّ أن أعرض بوجهي ـ هكذا ـ عنهم (١).
وروى ابن هشام عن أنس بن مالك ، قال : لما سمع أصحاب رسول اللّه كلام رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من جوف الليل وهو يقول : يا أهل القليب ، وياعتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة ، ويا أُمية بن خلف ، ويا أبا جهل بن هشام ـ فعدّد من كان منهم في القليب ـ هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فقال المسلمون : يا رسول اللّه. أتنادي قوماً قد جيفوا؟ (٢) قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني (٣).
لما وقعت الفتنة بالبصرة ، خرج كعب بن سور ، وكان قاضي البصرة لحرب خليفة رسول اللّه وإمام زمانه ، ولما كان النصر حليفاً له عليهالسلام مرّ على جسد كعب بن سور ، فقال لمن حوله : أجلسوا كعب بن سور ، فأجلسوه بين شخصين يمسكانه ، فقال عليهالسلام : يا كعب بن سور قد وجدت ما وعدني ربي حقاً ، فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً؟ ثم قال : أضجعوه ، وسار قليلا حتّى مرّ بطلحة بن عبيد اللّه ، فقال : أجلسوا طلحة ، فكلّمه بمثل ما كلّم كعب بن سور ، فقال له رجل : يا أميرالمؤمنين ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك؟ فقال عليهالسلام : يا رجل واللّه لقد سمعا كلامي ، كما سمع أهل القليب كلام رسول اللّه (٤).
٣ ـ يقول إنّ القرآن يخبر بأنّ النبي لا يستطيع إسماع الموتى ويقول : ( إنَّكَ لاَ تُسْمِعُ المَوْتَى ) (٥) ، وقال ( وَمَا أَنْتَ بَمُسمِع مَنْ فِي
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ج ٥ ، باب قتل أبي جهل ، ص ٧٦ ـ ٧٧.
٢ ـ قد جيفوا : أي قد صاروا جيفة.
٣ ـ السيرة النبوية لابن هشام ، ج ٢ ص ٢٩٤ ، طبع دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٤ ـ الجمل ، للشيخ المفيد ، ص ٢١٠ ط النجف ، حق اليقين للسيد شبر ، ج ٢ ، ص ٧٣.
٥ ـ سورة النمل : الآية ٨٠.