رب لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيَّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه ، فعلمت أنّك لم تضف إلى إسمك إلاّ أحب الخلق إليك ، فقال اللّه ـ عزّوجلّ ـ : صدقت يا آدم. إنه لأحب الخلق إلىَّ وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك. ولو لا محمد ما خلقتك.
قال البيهقي : تفرد به عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ، من هذا الوجه عنه ، وهو ضعيف ( واللّه أعلم ) (١).
إنّ الشيخ الرفاعي لما رأى صراحة الحديث في التوسل بحق النبي أخذ يناقش في الحديث من جهات أُخرى ، وإليك بيانه :
١ ـ إنّ الحديث تضمّن الإقسام على اللّه بمخلوقاته ، وهو أمر خطير يقرب من الشرك ، إن لم يكن هو ذاته ، فالإقسام على اللّه بمحمد وهو مخلوق بل وأشرف المخلوقين لا يجوز ، لأنّ الحلف بمخلوق على مخلوق حرام ، وإنه شرك لأنه حلف بغير اللّه ، فالحلف على اللّه بمخلوقاته من باب أولى.
يلاحظ عليه : أنّه سيوافيك جواز الحلف بالمخلوق ، سواء حلف بمخلوق على مخلوق أو بمخلوق على اللّه ، وأن القرآن مليء بالإقسام بالمخلوقات ، فلو كان أمراً حراماً أو ذريعة إلى الشرك أو الشرك نفسه لما حلف سبحانه بمخلوقاته ، وسيوافيك توضيحه ، ولا يلازم الحلف بالمخلوق جعله في مرتبة الخالق ، بحجة « إنّا نحلف باللّه فلو حلفنا بمخلوقه يلزم من ذلك جعله في مرتبة الخالق » ، كيف ونحن نطيع اللّه سبحانه ونطيع رسوله ، أفهل يتصور من ذلك أنّا جعلنا الرسول في مرتبة الخالق؟ قال سبحانه : ( أَطيعوا اللّهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ وأُولي الأمْرِ مِنْكُم ... ) (٢) ، قال سبحانه : ( أَنِ اشْكُرْ لي وَلِوالِدَيكَ إلَىَّ المَصيرُ ) (٣) ، أفيلزم من ذلك أن يكون الوالدان في رتبة الخالق
____________
١ ـ دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( ت ٣٨٤ ـ م ٤٥٨ هـ ) طبع دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ج ٥ ، ص ٤٨٩.
٢ ـ سورة النساء : الآية ٥٩.
٣ ـ سورة لقمان : الآية ١٤.