لمروان بن الحكم خمس غنائم افريقية ، والحارث بن الحكم ثلاثمائة ألف درهم ، وقضى ما استقرضه الوليد بن عقبة من عبد اللّه بن مسعود الّذي كان أمين بيت المال في عصر ولاية الوليد على الكوفة ، إلى غير ذلك من عطاياه إلى بني أبيه وأقربائه (١) وفي الوقت نفسه كان أبو ذر يعيش في الربذة ويعاني من جوع أليم ، ويليه في الفقر وبساطة الحياة عبد اللّه بن مسعود ، وعمار بن ياسر ، فلا يمكن أن يقال إنّ الخليفة كان ينظر إلى الجميع بعين واحدة ، وقد كان عمله هذا هو الّذي أجهز عليه وانتكث عليه فتله. هذا هو الإمام علىّ عليهالسلام يصف ذلك العصر بقوله :
« إلى أنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ نافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أبِيهِ يَخْضمُونَ مَالَ اللّه خِضْمَةَ الإبلِ نَبْتَةَ الرّبيعِ » (٢).
وفي رسالته إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة يقول :
( أوْ أبيتَ مِبْطاناً وَحَولي بُطُونٌ غَرْثَى وأكْبادٌ حَرّى ، أو أكُونَ كَمَا قَالَ القَائِلُ :
وَحَسْبُكَ دَاءً أنْ تَبِيتَ
بِبِطْنَة |
|
وَحَوْلَكَ أكْبَادٌ تَحِنُّ إلى
القِدّ (٣) |
وهو يشير بذلك إلى الأوضاع السائدة في عصره وعصر من تقدمه.
وأمّا الثاني فهو من : غرائب الكلام ، فقد جعل مذهبه دليلا على ضعف الرواية ، وهو أنّ معنى التوسل عند الصحابة ـ هو التوسل بدعاء الشخص لا بذاته ـ فمن أين يدّعي أن هذا مذهب الصحابة ، وما هو المصدر لذاك الحصر؟ مع أنّ الحديثين المرويين من طريق ذلك الصحابي الجليل ، يدلان على خلافه.
____________
١ ـ لاحظ في ذلك تاريخ أبي الفداء ج ١ ص ١٦٨ ، والمعارف لابن قتيبة ، ص ٨٤ ، والأنساب للبلاذري ج ٥ ص ٥٢ ولاحظ الغدير ج ٨ ص ٢٨٦ ، تجد فيه قائمة من عطايا الخليفة الهائلة لنبي أبيه.
٢ ـ نهج البلاغة الخطبة ٣.
٣ ـ نهج البلاغة قسم الكتب رقم ٤٥.