أية ضرورة تقضي بأن نؤوّل ما ورد في العبارة التي علّمها للسائل؟
فما هذه الشبه والظنون الّتي يتمسك بها الرفاعي في سبيل دعم مذهبه؟
باللّه عليك أيها الكاتب الوهابي الّذي يعيش عيشاً رغداً في الرياض في ظل الثروة الطائلة للسلطة ، لولا أنّك من القائلين بمنع التوسل بذات النبي ، هل كان يخلد ببالك أن المراد من الدعاء الّذي علمه للضرير ، هو التوسل بدعاء النبي لا ذاته؟ ولولا أنك قد أخذت موقفاً مسبقاً في الموضوع ، هل كان يتردد في ذهنك تأويل ذلك النص؟ وأنت وأشياخك ونظراؤك تصبّون القارعات على الذين يؤوّلون الصفات الخبرية كاليد والاستواء والوجه ، وتصفونهم بالجهمية والمؤوّلة وغير ذلك من الألفاظ الركيكة ، فكيف تسوّغون تأويل هذا النص الّذي لا يرتاب فيه إلاّ من اتخذ رأياً مسبقاً؟
وأمّا قوله : « وشفّعه فيّ » فقد قلنا إنّ المراد : اجعله شفيعاً لي ، وليس معناه استجب دعاءه في حقي ، وإلاّ لما عدل عن اللفظ الصريح إلى هذا اللفظ الّذي ليس بواضح في ما يريدون.
والعجب أنّ الرفاعي يتمسك بالطحلب ويقول :
« لو كان قصده التوسل بشخص الرسول أو بحقه أو بجاهه لكان يكفيه أن يبقى في بيته ، ويدعوا اللّه قائلا مثلا : اللّهمّ ردّ بصري بجاه نبيك ، دون أن يحضر ويتجشم عناء المشي ...
ولكن ليس هذا بعجيب ممن اتّخذ رأياً مسبقاً في الموضوع ، وذلك لأنّ الضرير لم يكن متذكراً هذا النوع من التوسل حتّى يجلس في بيته ويتوسل به صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنّما علّمه النبي الأكرم ، وما معنى هذا الترقب من الرجل؟.
ثمّ إنّ الكاتب يدّعي أن لفظ الحديث ومفاهيم اللغة العربية وقواعدها كلها تشهد بأنّ معناه هو التوسل بدعاء النبي ، ماذا يريد من لفظ الحديث؟ هل يريد المحاورة الأولى الّتي لا تمتّ إلى مركز الاستدلال وموضعه بصلة ، أو يريد الدعاء الّذي علمه الرسول؟ فهو يشهد بخلافه؟