والعجب أنّ الكاتب الوهابي ( الرفاعي ) حاول أن يكذب القصة ، قال : « إنّ أبا جعفر المنصور كان من أعلم علماء عصره ، فلا يصح أن يكون جاهلا فيستفسر ».
يا للعجب! من أين علم أنه كان مثل مالك بن أنس إمام المدينة المنورة؟
وهل له آثار في الفقه والحديث مثل مالك؟
ماهذه الكلمة الساقطة؟ وأي دليل على أنه لم يكن جاهلا بهذه المسألة فيستفسر مثله أو من هو أعلم منه ؟
٥ ـ روى السيوطي في أحاديث المعراج أنّ النبي الأكرم نزل في المدينة وطور وسيناء وبيت لحم ، وصلّى فيها ، فقال له جبرائيل : يا رسول اللّه أتعلم أين صلّيت؟ إنّك صليت في طيبة ، وإليها مهاجرتك ، وصلّيت في طور سيناء ، حيث كلم اللّه موسى تكليماً ، وصليت في بيت لحم حيث ولد عيسى (١).
ولا أظن أن يتوهم أحد وجود الفرق بين المولد والمرقد بالتجويز في الأول دون الثاني.
٦ ـ إنّ المسلمين جميعاً يصلّون في حجر إسماعيل ، مع أنّ الحجر مدفنه ومدفن أُمه هاجر ، فأيٌ فرق بين مرقد النبي ومدفن أبيه إسماعيل؟
٧ ـ ولقد بلغت هاجر أُم إسماعيل مرتبة عند اللّه بسبب صبرها وتحمّلها المتاعب في سبيل اللّه سبحانه ، فجعل اللّه موضع أقدامها محلا للعبادة ، وأوجب على حجاج بيته الحرام أن يسعوا فيها كما سعت هاجر بين جبلي الصفا والمروة ، فنسأل إذا كان صبرها على المكاره ، وتحمّلها المتاعب في سبيل اللّه تعالى قد منحا الكرامة لموضع أقدمها ، وأوجب اللّه على المسلمين أن يعبدوه سبحانه في ذلك المكان بالسعي بين الصفا والمروة ، فلماذا لا يكون قبر النبي
__________________
١ ـ الخصائص الكبرى لجلال الدين السيوطي ج ١ ص ١٥٤.