التميميين (١).
ولو قام باحث بوصف الأبنية الشاهقة الّتي كانت مشيدة على قبور الأنبياء والصالحين قبل ظهور الإسلام ، وما بناه المسلمون في عصر الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يومنا هذا في مختلف البلدان ، لجاء بكتاب فخم ضخم ، يعرب عن أنّ السّنة السنية الرائجة في تلك الأعصار قبل الإسلام وبعده ، من عصر الرسول والصحابة والتابعين لهم إلى يومنا هذا ، هي مشروعية البناء على القبور ، والعناية بحفظ آثار رجال الدين ، ولم ينبس أىّ ابن أُنثى حول ذلك ببنت شفة ، وما اعترض عليها ، بل تلقوها إظهاراً للمحبة والود لأصحاب الرسالات والنبوات وأصحاب العلم والفضل ، ومن خالف تلك السنة وعدّها شركاً أو أمراً محرّماً فقد اتّبع غير سبيل المؤمنين قال سبحانه :
( وَمَنْ يَشَاقَقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلَ الْمؤْمِنينَ نُوَلِّه مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (٢).
وقد وارى المسلمون جسد النبي الأكرم في بيته المسقف ، ولم يزل المسلمون مذ أن وورِيَ جثمانه ، على العناية بحجرته الشريفة بشتى الأساليب ، وقد بنى عمر بن الخطاب حول حجرته جداراً وقد جاء تفصيل كل ذلك مع ذكر وصف الأبنية الّتي توالت عليها عبر القرون في الكتب المتعلقة بتاريخ المدينة ، لا سيما وفاء الوفاء للعلامة السَّمهودي المتوفى عام ( ٩١١ هـ ) (٣) والبناء الأخير الّذي شيّد عام ( ١٢٧٠ هـ ) قائم لم يمسه سوء ، وسوف يبقى بفضل اللّه تبارك وتعالى محفوظاً عن الاجتراء.
وأمّا المشاهد والقباب المبنية في المدينة في العصور الأُولى فحدّث عنها ولا حرج ، ولا سيما في بقيع الغرقد ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب التاريخ وأخبار المدينة.
هذا هو المسعودي المتوفى عام ( ٣٤٥ هـ ) يقول : « وعلى قبورهم في هذا
__________________
١ ـ دائرة المعارف الإسلامية ج ٨ ص ٤٢٠ مادة خليل.
٢ ـ سورة النساء : الآية ١١٥.
٣ ـ وفاء الوفاء ج ٢ الفصل التاسع ص ٤٥٨ إلى آخر الفصل.