مثله ، لأنه بصدد الشماتة على امرأة افتقدت زوجها وهي مستحقة للتعزية والتسلية لا الشماتة ، لأنها ليست من أخلاق المسلمين ، ولم تكن المرأة تأمل عودة زوجها إلى الحياة حتّى يقال إنها يئست ، بل كان نصبها للمظلة للغايات الدينية والأخلاقية.
ترى هؤلاء الأغبياء يدمّرون آثار الرسالة وهم يتمسكون في ذلك بركام من الأوهام ، ويسخرون من الذين أظهروا حباً لأهل بيت رسول اللّه الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفرض مودّتهم وولاءهم وقال : ( قُلْ لاَ أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ) (١).
إلى هنا تبين أنّه ليس للقوم دليل ، بل ولا شبهه على حرمة البناء على القبور ، وأنهم لم يدرسوا صحاحهم ومسانيدهم حسبما درس السلف الصالح. والآن هلمّ معي أتلو عليك أدلة القائلين بالجواز ، سواء أكان صاحب القبر رجلا عادياً أم كان عظيماً من عظماء الدين ، وإليك بيانها :
عرض المسألة على الأدلة المحكمة
إذا وقفت على ضعف ما استدل به القوم على تحريم البناء على القبور ، وسقوطه عن الاعتبار ، فيجب عرض المسألة على الأدلة المحكمة الّتي لا يصحّ لأحد النقاش في اعتبارها وحجيتها.
فإذا دلت تلك الأدلة على الجواز ، فلا محيص من طرح هذه الأحاديث الضعاف ، أوحملها على الكراهة ، أو غير ذلك. وإليك بيان تلك الأدلة :
١ ـ الكتاب والبناء على القبور
يظهر من الكتاب أنّ البناء على القبور ، بل بناء المسجد عليها كان جائزاً في الشرائع السابقة ، وأنّ الناس عندما وقفوا على قبور أصحاب الكهف ،
__________________
١ ـ سورة الشورى : الآية ٢٣.