والتوسل في المسلمين الذين يعتقدون في حقّه أنّه عبده ورسوله ، وينطقون بذلك في صلاتهم نحو عشرين مرة في كل يوم على أقل تقدير ، إدامة لذكرى ذلك ، ولم يزل أهل العلم ينهون العوام عن البدع في كل شؤونهم ، ويرشدونهم إلى السنة في الزيارة وغيرها إذا صدرت منهم بدعة في شيء ، ولم يعدّوهم في يوم من الأيام مشركين بسبب الزيارة أو التوسل ، وأول من رماهم بالإشراك بتلك الوسيلة هو ابن تيمية ، وجرى خلفه من أراد استباحة أموال المسلمين ودماءهم لحاجة في النفس » (١).
ثم إنّ آخر ما في كنانة ابن تيمية وأتباعه في عدّ الزيارة بدعة وتقسيمها إلى قسمين ، ما رواه أحمد في مسنده ، وهو أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أللّهمّ لا تجعل قبري وثناً يعبد (٢).
وسيوافيك الكلام في معنى الحديث عند البحث عن الاحتفال بميلاد النبي ، ولا صلة لهذا الحديث بالزيارة ، والزائر المسلم لا يعبد النبي ولا يعبد قبره ، كما هو واضح ، بل يعبد اللّه سبحانه ، وإنما يزور قبر نبيه كما يزور قبور آبائه وأجدادهم من غير فرق ، غير أنّه يترتب على زيارة قبر نبي التوحيد ما لا يترتب على غيره.
( أُولَئِكَ الَّذينَ هَدَى اللّه فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه ) (٣).
__________________
١ ـ تكملة السيف الصقيل ص ١٥٨.
٢ ـ مسند أحمد ج ٣ ص ٢٤٨.
٣ ـ سورة الأنعام : الآية ٩٠.