تيمية من الشبهة في زيارة النبي الأكرم الّتي أشرنا إليها في صدر البحث وهي :
١ ـ كون الزيارة على هذا الوجه المخصوص بدعة.
٢ ـ كون الزيارة من تعظيم غير اللّه المفضي إلى الشرك.
أمّا الشبهة الأُولى فهي باطلة من رأس ، وذلك لأنّ البدعة هي إدخال ما ليس من الدين في الدين ، فهل يمكن لأحد بعد هذه النصوص المتضافرة ، التقوّل بأنّه لم يرد في الدين شيء حول زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يامر بها؟ كيف وقد أمر هو بزيارة القبور؟ فهل يُتصوّر أنه لا يعادل زيارته زيارة قبر مسلم؟ ( كَبُرَت كَلِمةٌ تَخْرُجُ مِنْ أفواهِهِم ) وقد أمر النبي بزيارة قبور المؤمنين.
وأمّا الشبهة الثانية فنقول : كيف تكون زيارة النبي مفضية إلى الشرك مع أنّ زيارة قبر نبي التوحيد ، استشعار لحقيقته ، وتقديس لمعناه؟ فإنّ التقديس الّذي يتصل بالرسل إنما هو من فكرتهم وهدايتهم. فالتقديس لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم تقديس للمعاني الّتي دعا إليها وَحَثَّ عليها ، فكيف يتصوّر من مؤمن عرف حقيقة الدعوة المحمدية أن يكون مضمراً لأي معنى من معاني الوثنية ، وهو يستعبر ويستبصر ببصيرته عند الحضرة الشريفة والروضة المنيفة؟
فإذا كان خوف ابن تيمية من أن يؤدي ذلك إلى الوثنية بمضي الأعصار والدهور فإنه خوف من غير جهة ، لأنّ الناس كانوا يزورون قبر الرسول إلى أول القرن الثامن ، ثم باتوا إلى العصور من بعده إلى يومنا هذا ، ومع ذلك لم ينظر أحد إليه نظر عبادة أو وثنية ، ولو أفرط بعض العوام فذلك لا يمنع تلك الذكريات العطرة ، بل يجب إرشادهم وتفهيمهم لا منعهم من الزيارة ولا تكفيرهم.
قال الشيخ محمد زاهد الكوثري :
« إنّ سعي ابن تيمية في منع الناس من زيارته يدل على ضغينة كامنة فيه نحو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وكيف يتصوّر الإشراك بسبب الزيارة ،